Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

لا قانون ولا عدل في توزيع ثروات العقل

الحبر الأصفر

A A
قَبْل (60) عَاماً، قَرَّرَت الهَيئَات والمُؤسَّسات الدَّوليَّة؛ التَّابِعَة لمُنظَّمة الصحَّة العَالميَّة، استبدَال مُصطلح «مُستشفَى الأَمرَاض العَقليَّة»، بمُصطلَح «مُستشفَى الأَمرَاض النَّفسيَّة»، ولَم يَكُن تَأنيب الضَّمير هو الدَّافِع إلَى الإقدَام عَلَى تِلك الخُطوَة، بَل لفَضِّ الاشتبَاك بَين العَقْل والجَهل، ومَا بَينهمَا مِن جنُونٍ وفنُون..!

(الأحد): مِن المُتّفق عَليه أَنَّ الجَهل لَا حدُود لَه، ولَكن هَل هُنَاك حدُود للعَقل؟.. يُجيب عَن هَذا السُّؤال القَائد الفِرنسي «نابليون بونابرت» بقَوله: (لَيس هُنَاك حدُود للعَقل يَقف عِندَها؛ سِوَى تِلك التي اقتنعنَا بوجُودهَا)..!

(الاثنين): لَم يَكتَشف الأَطبَّاء إلَّا فِي السَّنوَات الأَخيرَة؛ ارتبَاط الصّحة العضويَّة بالصّحة النَّفسيَّة، أَو العَقليَّة، رَغم أَنَّ الفَيلسُوف «أَفلَاطون» سَبقَهم إلَى ذَلك -قَبل آلَاف السِّنين- فقَال: (إنَّ أَكبَر الأَخطَاء مُعالَجة الجَسَد دُون العَقل، وهُمَا وَجهَان لعُملةٍ وَاحِدَة)..!

(الثلاثاء): تَشغيل مَكَائِن ومُحرِّكات العَقْل؛ أَكثَر تَعقيداً مِمَّا يَظنُّ البَعض، لِذَلك لَيس هُنَاك مَن يُبسِّط هَذه المَسأَلَة؛ أَفضَل مِن «آينشتاين» -وهو مِن أَذكَى 10 أَشخَاص عَاشُوا فِي القَرْن المَاضي-، حَيثُ يَقول: (قَليلون هُم مَن يَرون بعيونِهم، ويُفكِّرون بعقُولِهم)..!

(الأربعاء): العَقْل لَا يُعتمد عَليه دَائِماً، فهُنَاك الذَّكَاء المُدمِّر، كالذي يَتمتَّع بِهِ مُخترع القُنبلَة النَّوويَّة، والأَطبَّاء المُجرمون؛ الذين يَسرقون الأَعضَاء البَشريَّة، لذَلك يَقول عِملَاق صِنَاعة السَّيَارات الأَمريكيَّة «هنري فورد»: (إنَّ العَقلَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَصنَع مِن الجَحيم نَعيماً، ويَصنَع مِن النَّعيم جَحيماً)..!

(الخميس): العَجز صِفَة بَشريَّة مُشتَركَة، لِذَلك يَبخَل النَّاس حَتَّى عَلَى أَنفسِهم، مِن خِلال إهمَال كَوامِن العَقل الجَبّار، وعَدَم الاستفَادة مِن مَخزونهِ الهَائِل، وقَد انتبَه إلَى هَذه المُفَارَقَة الفَيلسوف «وليم جيمس» فقَال: (نَحنُ نَستَخدم 10% مِن قوَانَا العَقليَّة، فكَيف الحَال إذَا مَا استخدمنَا فَقط 20%

مِنهَا؟)..!

(الجمعة): العَقل كالجِسم، يَحتَاج إلَى مُمَارسة رِيَاضتهِ الخَاصَّة، ليَكون بكَامِل لِيَاقته وجَاهزيّته لأَي مُبَارَاةٍ فِكريَّة، وقَد حَدَّد الأَديب «مصطفى السباعي» ثَلَاثة أَنوَاع مِن الرِّيَاضَات الذِّهنيَّة، فقَال: (لَا يَنمُو العَقل إلَّا بثَلاث: إدَامة التَّفكير، ومُطَالعة كُتب المُفكّرين، واليَقظَة لتَجارُب الحَيَاة).

(السبت): مِن الأَوهَام المعشّشة فِي رُؤوس العَامَّة والدَّهمَاء، أَنَّه مِن الطَّبيعي أَنْ يَنفر العُقلَاء والفَلَاسِفَة والمُفكِّرون مِن النَّاس، ويَسكنوا رُؤوس الجِبَال، بَحثاً عَن التَّأمُّل والتَّفكُّر، لَكن الأَديب «جورج برنارد شو»، وَضَع الحرُوف تَحت النِّقَاط، ليَفصل فِي هَذه المَسأَلَة قَائِلاً: (الرَّجُل العَاقِل يُكيّف نَفسه مَع العَالَم، والرَّجُل المُتهوِّر يَصرُّ عَلَى مُحَاولاته؛ لكَي يَتكيَّف العَالَم مَعه، لذَلك يَعتَمد تَطوير العَالَم عَلَى الرَّجُل المُتهوِّر).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store