Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالمنعم مصطفى

السعودية تطرق أبواب المستقبل

أمام السعودية فرصة تاريخية فريدة، يُجسِّدها أمير شاب يمتلك الرؤية والطموح والجسارة، وأمام الولايات المتحدة فرصة حقيقية لتكريس حضور أمريكي مُؤثِّر في الشرق الأوسط، إذا ما استوعبت طموحات الإقليم، وتطلعات شعوبه.

A A
أرست نتائج الحرب العالمية الثانية أسس نظام دولي ثنائي القطبية، مازلنا نتعايش مع بعض أهم خرائطه، بينما وضعت نتائج الحرب الباردة أسس نظام دولي جديد، بدا للبعض بالتمني أو بالحساب، عالماً أحادي القطب تنفرد الولايات المتحدة بزعامته، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ودول الكتلة السوفيتية، ومعهما ما كان يُعرف بحلف وارسو.

بنتائج الحرب العالمية الثانية، أصبحت الولايات المتحدة لاعباً رئيساً على المسرح الدولي، وبنتائج الحرب الباردة التي ربحتها واشنطن، أصبحت أمريكا اللاعب الوحيد، الذي يقود النظام الدولي برمته، فيما راح بيل كلينتون أول رئيس أمريكي يشهد انهيار الاتحاد السوفييتي يتحدَّث عن قرنٍ كامل سوف تتسيد فيه أمريكا العالم، لكن عقدين من الزمان في هذا القرن الجديد، لم يدعا لواشنطن فرصة للانفراد بزعامة العالم، فيما كانت قوى جديدة تتقدَّم لنيل حصتها من كعكة زعامة النظام الدولي، وسط مؤشرات قوية لولادة نظام دولي جديد متعدد الأقطاب.

ما يجري فوق قمة العالم من منافسات لاقتطاع حصص معتبرة في قيادة النظام الدولي، انعكس بدوره على منطقة الشرق الأوسط، التي دخلت مجدداً إلى غرفة الخرائط، وسط صراعات أغلبها بالسلاح، لإعادة رسم نظام إقليمي شرق أوسطي جديد، تراجعت فيه حصة النظام الإقليمي العربي بشكلٍ ملحوظ أمام قوى شرق أوسطية جديدة (إيران وتركيا وإسرائيل).

في خضم هذه العملية الجارية، بدت مقاومة الجهاز المناعي العربي، وقد جسَّدتها ثلاثة أطراف عربية (السعودية والإمارات ومصر) باعتبارها الدول الناجية من فوران إقليمي جارف. أدركت الأطراف العربية الثلاثة أن حماية صميم النظام الإقليمي العربي، تبدأ بصيانة حصص المُكوِّن الإقليمي العربي، داخل نظام إقليمي شرق أوسطي، وأن امتلاك القوة هو أول متطلبات صيانة هذا النظام.

عملية امتلاك القوة، تبدأ بتحصين الداخل، وعملية تحصين الداخل، تبدأ بالتركيز على تعزيز الدولة الوطنية بالإصلاح الداخلي، والتصدي للفساد، وإرساء أسس الدولة الحديثة، وهذا ما بدأه سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بطرحه المبكر لرؤية (المملكة 2030)، في هذا السياق يمكن النظر إلى الزيارة التي يقوم بها سمو ولي العهد للولايات المتحدة، والتي تستغرق أسبوعين، وتركز على تعزيز العلاقات التاريخية بين المملكة والولايات المتحدة، عبر برنامج طموح يشمل إطلاق برنامج للتعاون الاقتصادي، يصل حجم الاستثمارات المتبادلة فيه إلى نحو أربعمائة مليار دولار، ويتيح للمملكة تطوير صناعات دفاعية متطورة، وبناء قاعدة علمية صلبة في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

السعودية التي يُجسِّد الأمير الشاب شبابها، تعرف أن الشرق كله في غرفة الخرائط، وأن الولايات المتحدة هي لاعب رئيس داخل تلك الغرفة، وتدرك أن اللحظة الدقيقة التي تجتازها المنطقة، هي لحظة مُحمَّلة بالأخطار وبالفرص أيضاً، وأن مَن ستفوتهم الفرص السانحة عند هذا المنعطف التاريخي الحاد، سوف يتعيَّن عليهم الانتظار لمائة عام أخرى تحت مخاطر تُهدِّد صميم البقاء.

أمام السعودية فرصة تاريخية فريدة، يُجسِّدها أمير شاب يمتلك الرؤية والطموح والجسارة، وأمام الولايات المتحدة فرصة حقيقية لتكريس حضور أمريكي مُؤثِّر في الشرق الأوسط، إذا ما استوعبت طموحات الإقليم، وتطلعات شعوبه

.

إشارة سمو ولي العهد محمد بن سلمان في مستهل لقائه في البيت الأبيض مع الرئيس ترامب، إلى ثمانين عاماً من التعاون الأمريكي السعودي البنَّاء، منذ لقاء الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي روزفلت فوق متن الطراد الأمريكي كوينزي في مياه البحيرات المرّة المصرية، تحمل استدعاء أسس التحالف الأمريكي السعودي القديم، لتعزيز شراكة سعودية أمريكية من أجل المستقبل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store