Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أويس عبدالرحيم كنسارة

بوحٌ عن بعوضة

A A
•• «البعوضة، ولا أعرف اسم مذكرها في اللغة، ليست استعارة ولا كناية ولا تورية. إنها حشرة تحبّ دمك. تشمه عن بعد عشرين ميلاً. ولا سبيل لك لمساومتها على هدنة غير وسيلة

واحدة هي: أن تغير فصيلة دمك!».

•• هذا مقتضب من رائعة محمود درويش عن البعوضة النذلة! لا تستغربوا أني كتبت مقالاً عنها، ولا تنكروا أنها باتت تشغل كثيراً من الوقت في أيامكم، مطاردةً بهجتكم بالنسيم العليل في مناسباتكم، ونزهاتكم، وحتى في

بيوتكم وغرف نومكم.

•• في أبريل سنة 2014، كتب بيل غيتس في مدونته عن «أشد الحيوانات فتكًا في العالم» وقال: «حينما نأتي إلى ذكر الحيوانات الأعلى تسببًا بوفاة الإنسان فإن لا

شيء يُضاهي ولا يُداني البعوض».

ووفقاً لنتائج المراجعة التي عرضها بيل غيتس، فإن عدد من يموتون سنويًا بسبب الفيلة هم 100 شخص، ومن يموتون بسبب الحلزون 10 آلاف، وبسبب الكلاب 25 ألفاً، وبسبب الأفاعي 50 ألفاً، أما من يموتون بسبب البعوض فهم 750 ألف شخص سنوياً! إذن؛ الحديث عن البعوض ليس حديثاً تافهاً أو متدني

الأهمية، أبداً.

•• وفِي سبيل الوقاية الشخصية، جربت معظم منتجات طرد الناموس، فلم تمنع عني زيارات البعوض إلا قليلاً، رغم أنه لا يزور غيري كما يزورني في نفس الظروف والأمكنة، ربما

لأن البعوض -كما يقول صديقي- لا يقرص إلا الحلوين!.

•• ولعله يراودك نفس التساؤل: لماذا يضيع وقتك بمصارعة البعوض، وآخرون بجوارك لا يشعرون بشيء؟ تقصّيت عن السبب فوجدت الحقائق العلمية التالية

:

- أكدت دراسة علمية أن البعوض يهبط على أصحاب فصيلة الدم (O) أكثر بضعفين من أصحاب فصيلة الدم (A)! وأما الفصيلة B فهي في المنتصف بينهما. ولكن كيف يعرف البعوض فصيلة الدم البشرية؟ الإجابة أن 85٪ من الأشخاص يفرزون إشارة كيميائية تشير إلى نوع

الدم لديهم عبر الجلد.

- وإضافة لنوع الدم، تقرر البعوضة من هم ضحاياها من خلال رائحة ثاني أكسيد الكربون، فالذين تنفذ منهم كمية أكبر من الغاز أظهروا أن جذبهم للبعوض أقوى،

وبالتالي فالأجسام الصغيرة أقل شهية بالنسبة للحشرات.

- علمت أيضاً، أن التمارين الرياضية المضنية تؤدي إلى جذب البعوض، كونها تزيد من تراكم حمض اللاكتيك والحرارة في الجسم، وهو ما يثير شهية

العدوّ الشرس.

•• ومن المثير أن نعرف أخيراً، أن البعوض يعيش في كل بقع كوكبنا إلا دولة واحدة، هي آيسلاندا، وذلك بسبب التركيب الكيميائي المختلف لتربتها ومائها، لدرجة أن متحف التاريخ الطبيعي الآيسلندي يحتوي على البعوضة الوحيدة التي وجدت هناك، مخزنةً في برطمان زجاجيّ منذ الثمانينيات، حيث عثر عليها أحد العلماء تختبئ داخل طائرة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store