Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

إدارة الكساد

A A
الكساد، جزءٌ طبيعي ومهم من الدورة الاقتصادية، حيث يتم خلال عودة الأسعار إلى مستوياتها المتدنية الناجمة عادةً من التضخم.. وهو جزءٌ مُؤثِّر وسلبي على الاقتصاد، ولكنه جزء مهم من الدورة الاقتصادية، حيث يُعالج كثيراً من المتغيرات السلبية التضخمية التي يعاني منها الاقتصاد، وعادةً ما يتم إدارة الكساد لتحقيق الهدف منه وعدم استمراره لفترةٍ طويلة من قِبَل السلطات المالية والإنفاقية.. والملاحظ عالمياً –في المرحلة الحالية- أن شبح الكساد -والذي يُؤدِّي إلى حقبة من كسر التضخم Deflation ورجوع الأسعار لمستوياتها الطبيعية- يعني ارتفاع البطالة وفقد الوظائف وخروج القطاعات الحدية في الاقتصاد من السوق.. الأمر الذي ينعكس سلبًا على المجتمعات أولا، وعلى الوضع الاقتصادي السائد. وتُركِّز الإدارة الفعَّالة على تخفيض مدة وجود الكساد، وتسريع حدوث المراحل التالية من انتعاشٍ ثم رواج.

والمعالجة تتم من خلال خفض مستويات سعر الخصم أو الفائدة السائد، بهدف تشجيع الاستثمار والدخول في السوق من قِبَل المستثمرين كسياسةٍ مالية، مع توجُّه برفع الإنفاق الحكومي لرفع عوائد الاستثمار وتشجيع الأعمال على التوسُّع والدخول.. وعادةً ما يتم إعطاء حوافز إضافية من قِبَل السلطات المركزية مثل خفض الضرائب أو تقديم دعم مُوجَّه لقطاعات استثمارية محددة.

لو نظرنا للمعالجة الحالية من طرف السعودية -لإعادة توجيه الاقتصاد، وتحفيز الدخول في أنشطة تُخفِّف من الاعتماد على الاقتصاد الريعي، والقضاء على بعض المظاهر الاقتصادية السلبية مثل التستر، وتوجُّه الدعم المستهدف للمواطن إلى حلقةٍ أوسع من المستهدف لها- كان يمكن أن تُحقِّق مفعولها بصورةٍ أسرع، وهو المطلوب نظراً لاستحالة استمرارية الوضع، ولكن في ظل مرور الاقتصاد العالمي بظروفٍ اقتصادية سلبية، وتخييم الكساد على مناطق عدة، والوضع الملتهب في المنطقة، جعل العلاج يأخذ وقتاً أطول والتأثير أعمق.. لكن من المتوقع وفِي ظل تحسُّن أسعار النفط وتعدِّيها إلى مستويات تجاوزت السبعين دولاراً أن تستطيع السعودية تسريع التوجُّه الاقتصادي من خلال رفع نمط الإنفاق الحكومي، والسيطرة على زيادة منح الائتمان في السوق للشركات والمستثمرين، بهدف رفع النمط الاستثماري، وتحسين الوضع العام مع تحقيق الأهداف الإستراتيجية المستهدفة في السعودية وللعام القادم.

لاشك أن آلية نجاح إدارة الدورة الاقتصادية تعتمد على حرية الحركة، ودفع الدولة لها، ليُصبح التغيير في عام ٢٠١٨ و٢٠١٩ بدلاً من الانتظار حتى عام 2020م، ولاشك أن توفُّر الدماء الشابة في الدولة وإشراكها في دفة القيادة، ستُعجِّل من القدرة على التغيير والتحوير.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store