Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

«يا رب» الرحمة والغفران للسيدة «لؤلؤة العجلان»

الحبر الأصفر

A A
رَحلَتْ وَالِدَتي الغَاليَة، السيِّدَة العَظيمَة «لؤلؤة العجلان» بيَومِ الأُم، لتُعطِي رِسَالَةً فِي آَخِر أَيَّامهَا للنَّاسِ أَجمَعين، وتَبقَى مَدْرَسَة شَامِخَة فِي التَّعليم، حَتَّى عِند رَحيلهَا مِن عِند البَشَر؛ إلَى رَبِّ البَشَر..!

مِن هُنَا دَعُوني أَتكَلَّم قَليلاً عَن أُمِّي، وعَن جِيلهَا المُشَابِه لَهَا، فأُمِّي -رَحمهَا الله- لَم تَدرس فِي مَدارس الحكُومَة، ولَم «تَتوظَّف» فِي أَيٍّ مِن مُؤسَّساتِهَا، وعَاشَت طُوَال حَيَاتهَا مُواطِنَة صَالِحَة؛ تُحافظ عَلى دِينهَا، وتُربِّي أَبنَاءَهَا وبَنَاتهَا؛ ليَكُونُوا نَافِعين وصَالِحين للمُسَاهَمَة في بِنَاءِ الوَطن؛ ومِن السَّواعِد التي تُطوّر البِلَاد، وتُشَارِك فِي تَنْمِيَتِهَا..!

السَّنَةُ المَاضيَة فِي نَفسِ تَوقيت يَوم الأُم، سَجَّلَت أُمِّي العَزِيزَة -رَحمهَا الله- مَقطع فِيديو، تَشْرَح فِيهِ أَنَّ العِلَاج لكُلِّ مَشَاكِل الدُّنيَا؛ يَكْمُن فِي هَذين البَيتين:

اصْنَع جميلاً ولَو فِي غَيرِ مَوضعهِ *** فلَا يَضِيعُ جميل أَينَمَا وُضِعَ

إنَّ الجميلَ ولَو طَالَ الزَّمَان بِهِ *** فلَيسَ يَحصده إلَّا الذي زَرعَ!!

لقَد تَعلَّمتُ مِن أُمِّي العَظيمَة «لؤلؤة العجلان»؛ المُحَافَظَة عَلَى الصَّلاةِ والصَّبر، والقَنَاعَةِ وتَرْك الغيبَة، والالتزَام بالعَمَل والإخلَاص فِيهِ، فكَانَت -رَحمهَا الله- تُعلِّمنَا الاقتِدَاء بحَديثِ رَسُول الله -صَلَّى الله عَليهِ وبَارك- حِين قَال: (إِنّ اللَّهَ يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَه)..!

عِندَمَا فُجِعتُ بخَبَر رَحيلهَا، طَار قَلبي مِن بَين أضلُعي وأصبَح مَعها، لذَلك دَعوني أُحوِّر أبيَات الشِّعر المَشهُورَة؛ لتَكون بَيني وبَين أُمِّي «أُم يَحْيَى»، فأقُول لَهَا:

يَا «أُمّ يَحْيى» جَزَاكِ اللهُ مَغْفِرَة

رُدِّي عَلَيَّ فُؤَادِي كَالَّذِي كَانَا

لاَ تَأْخُذِينَ فُؤَادِي تَلْعَبِينَ بِهِ

فَكَيْفَ يَلْعَبُ بِالإِنْسَانِ إِنْسَانَا

أَلَسْتِ أَمْلَحَ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ

يَا أَمْلَحَ النَّاسِ كُلِّ النَّاسِ إِنْسَانَا

لاَ بَارَكَ اللهُ فِي الدُّنْيَا إِذَا انْقَطَعَتْأَسْبَابُ دُنْيَاكِ مِنْ أَسْبَابِ دُنْيَانَا!!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول، يُقال: «وَرَاء كُلّ رَجُل عَظِيم امرَأَة»، والأَفضَل أَنْ نَقول «أَمَام كُلّ رَجُل عَظِيم امرَأَة»، لأنَّ أُمِّي «لؤلؤة العجلان» -رَحمهَا الله برَحمتهِ الوَاسِعَة- كَانَت إمَامِي، ومُعلِّمَتِي وقُدْوَتِي..!

وتَقول «العَرب»: «مَن شَابَه أَبَاه فَمَا ظَلَم». هَذَا مِن حَيثُ الشَّكْل.. أَمَّا مِن حَيثُ الصِّفَات، فأَنَا أُحَاول أَنْ أُشْبِه أُمِّي؛ فِي العَطَاء والتَّضحية والصَّبر..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store