Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

بَدْنَا سيّارة عالعيد !!

A A
ما يجري في السوق السعودية للسيّارات هو أمر غريب، ويُخالِف الفِطْرة التجارية، ويؤكّد اختلافنا عن العالم، وأنّ لدينا خصوصية تجعل الحليم حيْرانَ!.

قبل فترة، ومع انخفاض سعر البترول، ركدت مبيعات السيّارات جزئياً، وتوقّع الاقتصاديون انخفاض أسعارها بنسب تصل لـ ٤٠٪ وأكثر، وكان حضرات المُحلِّلين كمن هو «واثق الخطوة يمشي مَلَكاً» برفقة توقّعهم، تماماً كما صدحت كوكب الشرق أمّ كلثوم في أغنيتها الشهيرة «الأطلال»، لدرجةٍ أجّل فيها كثيرٌ من النّاس شراء سيّارات جديدة أو مُستخدمة، وهم يبتسمون تشفّياً وشماتةً من وكالات السيارات، غير أنّ الجميع فوجئ بعدها بعدم انخفاض الأسعار إلّا بنسبة ضئيلة، وحتّى هذه النسبة الضئيلة لم تعد لها قيمة مع فرض ضريبة القيمة المُضافة (٥٪) التي أجّجت نار أسعار السيّارات ولم تُطفئها، لا بالمياه، ولا بالرغوة الصناعية!.

أنا أعتقد، وبعد جولة بين وكالات السيّارات، أنّها، أي الوكالات العزيزة، ومعها الشركات المُصنِّعة، ذات نفس طويل، مثل نفس لاعبي المنتخب الألماني لكرة القدم، وتحلّى بعضها بمكر وكيد الزوجات الضرّات، واتّخذت إجراءات من شأنها تجميد الوضع كما هو عليه، حتّى ييأس المُستهلِك ويرضخ لأسعارها، مثل عدم عرض بعضها لكافّة أنواع سيّاراتها في فروعها، كما لو كانت تُعطي إيحاءً نفسياً واهماً للمُستهلكين أنّ الطلب على السيّارات أكبر من المعروض، لتبرير ثبات الأسعار، وهي تنتظر شهر رمضان على أحرّ من الجمر، كي تضرب عصفورين جميلين بحجر واحد، فتصوم طلباً لأجر الصيام، وتتربّص لحماس النساء اللاتي سيهرعن لشراء سيّارات لأنفسهنّ تجهيزاً لبدء سياقتهنّ في العاشر من شهر شوّال!.

وما زالت وزارة التجارة، ومعها إدارة حماية المُستهلِك، وغيرها من الجهات المعنية، بعيدة عن المشهد الغريب الذي ضحيته الوحيدة هي المُستهلِك، ولن ينخفض سعر السيّارات كما يشتهي ويتمنّى، وسيستمرّ على شرائها بالتقسيط غير المُريح، وبالكفيل الغارم، والشاهد والمُعرِّف، وكمبيالات الأقساط، والإيجار المنتهي بالتفليس، والاقتراض المُرهِق من البنوك، وسيظلّ يُردّد: بَدْنَا نشتري سيّارة جديدة سعرها معقول عالعيد، كما ردّد المطرب الراحل نهاد طربية: بَدْنَا نتجوّز عالعيد، ولا أظنّ نهاداً قد تزوّج، ولا أظنّ المُستهلِك سيُحقّق ما «بَدُّه»!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store