Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

المودة قبل الحب

ولذلك عندما ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم علاقة الزوج بالزوجة لم يعبر بالمحبة وإنما عبر بالمودة فقال {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً ورَحْمَة} ولم يقل جعلنا بينكم حباً لأن المودة هي أساس الحب وهي من تأتي به وليس عكس ذلك، وأن المودة سلوك متبادل بين الزوجة والزوج، يزرعان مودة ويحصدان الحب في حياتهم الزوجية.

A A
كثيراً ما يتداول الناس كلمة حب بجميع صورها وارتباط هذه الكلمة بالكثير من الأشخاص وأيضاً معظم ما نتعامل معه في حياتنا اليومية بدءاً من نوع الأكل والملابس وغيرها وهي من التفضيلات التي تحولت الى حب وانتماء مع مرور الوقت. وكلمة حب تنشأ معنا من غريزتنا الطفولية دون فهم معناها ولكن الارتباط بالوالدين ينمو معه هذا الحب ويكبر وهذا بدأ منبثقاً من مودة ورحمة الوالدين فيما بينهم أولاً ثم يتحول هذا حباً لأبنائهم فبالتالي يبادلهم الأبناء هذا الحب.

وكثيراً ما تنخدع بعض النساء بسراب ما يسمى الحب والبحث والركض خلفه في كل الاتجاهات وتنتظر أن تحظى بحب يأتي به فارس على حصانه الأبيض ينثر عليها الورود الحمراء، والفراشات الملونة تدور حولهما وعازف الكمان ينشد الموسيقى الرومانسية، وتكون هذه النهاية السعيدة التي تحلم بها كل فتاة كما تقرأ وتسمع في الأساطير والقصص والروايات التي أخذت حيزاً من سنوات المراهقة، ووضعت صوراً في الأذهان بعيدة عن الواقع الذي نعيشه ونحيا به، فصدقاً لا يوجد فارس ولا حصان أبيض ولا حتى حصان أسود، فإذا كنتم ما زلتم تنتظرون فسوف يطول ويطول انتظاركم.

وأيضا كثير من المتزوجين يبحثون عن الحب من أول يوم في الزواج أو حتى من قبله ولكن لن يجدوه بسهولة لأن الحب لن يأتي إلا بعد أن تنشأ المودة بينهم، وهذه أيضاً لن تأتي إلا بعد فترات قد تقصر وقد تطول ولكنها إذا وصلت بات الحب يغطى على هذا الزواج وينثر صوره وأنواعه مقروناً بالسعادة الحقيقية وبالانتماء والرحمة، ولذلك عندما ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم علاقة الزوج بالزوجة لم يعبر بالمحبة وإنما عبر بالمودة فقال {ومن آياته أَن خلق لكم من أنفسكم أَزواجًا لتسْكنوا إلَيها وجعل بينكم مودة ورحمة} ولم يقل جعلنا بينكم حباً لأن المودة هي أساس الحب وهي من تأتي به وليس عكس ذلك، وأن المودة سلوك متبادل بين الزوجة والزوج، يزرعان مودة ويحصدان الحب في حياتهم الزوجية.

وأيضاً لما تحدث القرآن عن علاقة المسلم بأهل بيته عبر بالمودة ولم يعبر أيضاً بالحب فقال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} لبيان بأن المطلوب من المسلم تجاه أهله المودة وهو سلوك وتبادل عملي بشكل أشمل وليس حباً مجرداً فقط.

خلاصة القول لا يمكن أن يكون الحب قبل المودة حتى وإن وجد فهي حالات استثنائية لا تمثل أي نسبة في مجتمعاتنا، والشواهد كثيره فكم من علاقات بدأت باسم الحب وانتهت سريعا وكم من علاقة بدأت بالمودة ودامت حتى النهاية، الأمر لكم معشر الفتيات ولقليل من معشر الشباب، فالوهم قاتل الأحلام، والله أعلم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store