Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

فرح على جسر العودة!

إضاءة

A A
بتلقائية عربية سألت مذيعة قناة العربية الدكتور مصطفى البرغوتي أمين عام المبادرة الفلسطينية، وهي تشاهد حشود الفلسطينيين الغاضبين: كيف يمكن المحافظة على هذا الزخم الكبير حتى مجيء يوم الأقصى! كانت المذيعة تقصد ذكرى النكبة، وكان البرغوتي يرد بثقة سترين كل جمعة وكل يوم وكل ساعة، وكنت أردد آه يا أمتي الضائعة المضياعة!

كعادتها، نجحت إسرائيل في جذب تعاطف العالم مع القضية.. قضية العودة الفلسطينية، وكعادتها استشعرت أوروبا الحرج فحسنت قليلًا من عبارات بيان الجمعة، وكعادتها تجاهلت أمريكا الموقف الإسرائيلي السافر أو السافل، وكعادته طلب الأمين العام من إسرائيل توخي الحذر، وكعادتهم صمت العرب، وكعادته كان هتاف الشعب الفلسطيني من ذهب، مثلما كان صمته جمر غضب!

الآن ومع تصاعد الحديث عن حق العودة، بدلًا من حق الحياة، لم يعد هناك أمام القمة العربية القادمة مجال للكتمان؛ حيث انعدمت أو كادت كل الخطط أو الحيل أو الصفقات السرية، مع تواصل غناء شعب بأكمله للحق وللاستقلال وللحرية!

هكذا فيما كان البيت الأبيض يطلب من أبناء الشعب الفلسطيني، أمس الابتعاد عما أسماه الحدود بمسافة 500 متر، كان أبناء وبنات وآباء وأمهات وجدود وجدات فلسطين يرفضون كل الخرائط والحدود الواهية، ويتمسكون بفلسطين الدولة العربية الغالية والهادية!

يتمسك الفلسطينيون اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن تكون مسيراتهم سلمية بل غنائية شعرية وطربية، لكنها من قلوب وعيون تقطر دمعًا ودماء، على من رحلوا من الضنى، ومن بقوا من مشروعات الشهداء الأحياء، فيما تمارس إسرائيل كل أشكال وأنواع التعنت والصلف.. والغباء!

شعب يرتعد خوفًا ورعبًا من تاريخه المليء بالمجازر والمذابح، بل مما اقترفت يداه، وشعب آخر ما لانت عزيمته، ولا وهنت قواه! شعب يدرك أن جيشه يمتلك كل أشكال وأنواع السلاح، وشعب ذخيرته كل جمعة هي حي على الصلاة حي على الفلاح!

إنهم لا يأبهون بالموت، سواء جاء في الشوارع أو المزارع أو البيوت، لم الخوف ولم القنوط، إذا كان بمقدورهم أن ترجع الأرض الى أهلها، والأغاني إلى إيقاعها، فيما سترجع الأرواح يقينًا إلى منتهاها.. إلى بارئها؟! لم يخافون ومهمتهم في الحياة والموت، أن يعود مجدها إلى ثراها؟!

إنهم الفلسطينيون الحقيقيون، الذين إذا ثاروا أرعبوا، وإذا استشعروا الغدر، لن توقفهم خرائط ولا صفقات ولا مد ولا جزر! إنهم الفلسطينيون الذين لم يعد يقنعهم أقصى بلا قدس، وحياة بلا نفس، إنهم جيل من البنات والأولاد لم يعد يقنعهم الاكتفاء بمجرد الوجود؛ لأن الاستشهاد عندهم هو الخلود! مثل هؤلاء يفرحون عندما تطير أرواحهم في السحاب وتنزل أجسادهم تحت التراب!

لقد بات من الواضح الآن، أن أحدًا في الأمم المتحدة أو في مجلس الأمن، أو في البيت الأبيض، أو في الكرملين، أو في الاتحاد الأوروبي، أو حتى في الجامعة العربية، أخذ في اعتباره أثناء التفكير في الحل، هذا الجيل الجديد غير المتوقع! إنه الجيل الجديد الذي فاجأ ويفاجئ العالم كل يوم بإزاحة ركام الأزمنة، ونفض أو بتر الإرادات والعزائم المتهدمة!

ويا أيها العالم الحر وغير الحر! آن لك أن تتذكر، أن للنحل خلايا، وللعنكبوت بيوتًا، وللطير أعشاشًا فوق الشجر، وللشعب الفسطيني أن يقول: القدس لنا والبيت لنا.. ولن نقول يومًا: أين المفر؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store