Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

إنها نذر المزيد من حروب بالوكالة

الأزمة التي خلقتها محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج بعد سنين من محاسبته وسجنه ومبادلته البريطانيين بعميلٍ آخر، ربما تكون محاولة لتحذير عملاء مزدوجين آخرين إلى مصير أسود ينتظرهم إن انكشفوا

A A
لماذا حاول الروس قتل الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته يوليا في بريطانيا الآن؟، إذ إن هذا الجاسوس الروسي كان يعمل في الاستخبارات الروسية وانكشفت عمالته للاستخبارات البريطانية منذ سنين طويلة، وحُوكم وتم سجنه بروسيا. وبعدها بسنين تمت مبادلته، بشكل رسمي، بعميل استخبارات روسي مسجون في بريطانيا، أعاده الإنكليز إلى موسكو، واستعادوا سيرجي ليعيش كل هذه السنين في بلدة سالزبري الإنكليزية. وتقول موسكو إنها بريئة من تسميم سيرجي سكريبال وابنته، وأنها لو أرادت قتله لاستخدمت أسلوباً آخر. بينما يصر البريطانيون على اتهام موسكو. ووصل الأمر بممثلي الاثنين في المحافل الدولية إلى السخرية من ادعاءات بعضهما البعض عبر الاستشهاد بقصص بوليسية خيالية. وقال المندوب الروسي في مجلس الأمن إن مَن يُشاهد المسلسل البوليسي البريطاني «جرائم قتل ميدسومر» سيجد «المئات من الطرق لقتل شخص ما»، ورداً على مطالبة موسكو المشاركة في التحقيق الذي تُجريه منظمة منع الأسلحة الكيمياوية المستخدمة في محاولة قتل العميل الروسي السابق المزدوج، قالت مندوبة بريطانيا في مجلس الأمن: «إن السماح للعلماء الروس بالمشاركة في التحقيقات التي تُرجِّح أكثر الاحتمالات أنهم الجناة فيها، مشابه لأن تدعو سكوتلنديارد البروفسور مورياتي (شخصية إجرامية في قصص شرلوك هولمز) للمشاركة في تحقيقاتها».

الأزمة التي خلقتها محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج بعد سنين من محاسبته وسجنه ومبادلته البريطانيين بعميلٍ آخر، ربما تكون محاولة لتحذير عملاء مزدوجين آخرين إلى مصير أسود ينتظرهم إن انكشفوا. إلا أن كرة الثلج في هذه القضية تتضخم، فحتى الآن تم تبادل طرد المئات من الدبلوماسيين الروس من دول غربية ودبلوماسيين غربيين من روسيا. ولازالت الاتهامات المتبادلة تتصاعد ومعها إجراءات عقابية أخرى ضد روسيا. مما يشير إلى احتمال أن تتحول القضية لأزمةٍ كبيرة فيما بين روسيا والدول الغربية.

وقامت عدد من الدول المتعاطفة مع روسيا بالاصطفاف إلى جانبها، مثل إيران وتركيا والصين، إلا أنه يبدو أن القضية أصبحت أكبر من مجرد محاولة اغتيال سيرجي سكريبال وابنته، وتزيد من سخونة الحرب الباردة القائمة بين روسيا والغرب. روسيا احتلت جزيرة القرم، بعد أن قالت: إن الأمريكيين وحلفاءهم شجّعوا قيام انقلاب في أوكرانيا دعمته مظاهرات (الميدان) ومستشارين أجانب تم جلبهم إلى أوكرانيا، وواصل الروس دعم انفصاليين أوكرانيين في حربهم ضد الحكومة المركزية، ثُمَّ سارعت القوات الروسية إلى دخول والسيطرة على سوريا لدعم نظام الأسد، مما أدى إلى غضب القوى الغربية التي خذلتها مواقف أمريكية تبنَّاها الرئيس السابق أوباما، ولا يبدو أن الرئيس الحالي، دونالد ترامب، سيسعى لتغييرها. إلى جانب قضايا أخرى تتزايد اختلافات كبرى حولها.

المعسكر الأمريكي غير مرتاح لوجود بوتين على رأس النظام الروسي مقابل عدم ثقة الروس بأي وعود من الأمريكيين وحلفائهم تتعلق باحترام مصالح روسيا، وواصل بوتين تقوية النظام الروسي وبناء قوة عسكرية روسية حديثة. وكل هذه العوامل ستؤدي إلى مزيدٍ من المفاجآت في العلاقة بين معسكرين لا يشعر أي منهما بالاطمئنان إلى وضعه الخاص، ولا الثقة بنوايا الطرف الآخر، وستعني المزيد من الحروب بالوكالة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store