Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

ماكرون و«الإسلام الفرنسي».. بهدوء!

والحق عندي إنني أخشي على أطروحة ماكرون من فريقين.. الأول سيهاجم ويشكك بل ويحذر من المكر والغدر والخطة الفرنسية للقضاء على الإسلام!والآخر أن يقع الرجل على خبراء عرب ومعاهد إسلامية تحذره من الإسلام والمسلمين وتنصحه بالضرب بيد من حديد باعتبار أن المسلمين ارهابيون وتاريخهم إرهابي وإرثهم إرهابي!

A A
فيما كنت أقرأ الأطروحة الهادئة لخالد يايموت أستاذ العلوم السياسية الزائر بجامعة محمد الخامس المنشورة في «الشرق الأوسط» بعنوان («الإسلام الفرنسي» كأداة لمواجهة الإرهاب) تواترت الأخبار الواردة من أوروبا عن منع الحجاب وحظر النقاب ومنع هجرة المسلمين، وما إلى ذلك من عناوين، باتت شبه ثابتة في صحف العالم. كان الخبر المنشور في الصفحة المقابلة لأطروحة «الإسلام الفرنسي» يتحدث عن تدشين رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان حملته الانتخابية تحت شعار التصدي للغزاة المسلمين! والحق إن شعارات أوربان أو هلاوسه من قبيل «مواجهة القوى الاستعمارية الإسلامية» و»خطر المهاجرين المسلمين على الديانة المسيحية» لا تفزع المرء كثيراً خاصة وأنها باتت موضة أو صرعة لليمين الأوربي المتطرف سرعان ما تسقط بفعل إعمال العقل السليم. وبالجملة فإن خبراً عن نية النرويج لحظر النقاب في المدارس، وتفكير السويد في منع الحجاب في المصانع، ودراسة النمسا لحظر النقاب بالنسبة لأطفال الحضانة، وغير ذلك من توجهات لا تقلق المرء بقدر ما يقلقه تحذير لإعلامي أو لمسؤول عربي مسلم في دولة عربية مسلمة من خطورة الإسلام والمسلمين. تأمل معي في الخبر الوارد من النمسا عن مجرد التوجه لحظر النقاب في الحضانة، وقارن بين هذا التوجه وبين قيام عميد جامعة عربية عريقة بمنعه بالنسبة للمعيدات وهيئة التدريس النسائية. أعود لأطروحة «الإسلام الفرنسي» وأتوقف كثيراً أمام التصريحات الواردة على لسان الرئيس ماكرون ومنها:

- إن فرنسا ارتكبت بعض الأخطاء باستهدافها المسلمين بشكل غير عادل.

- إن تطبيق العلمانية بالجمهورية الفرنسية يمكن أن يصبح أكثر مرونة على صعيد الأديان.

- إن أي دين لا يمثل مشكلة في فرنسا في الوقت الحالي «لاحظ معي هنا أن هذا التصريح تحديداً تكرر على لسان ماكرون بعد هجمات إرهابية»

- اذا كان ينبغي أن تكون الدولة محايدة حقاً وهو ما يأتي في صلب العلمانية الحقة، فمن واجبنا ترك كل شخص يمارس تدينه بكرامة. انتهى كلام ماكرون الذي اعتمد فيه ويعتمد في تصوره الشامل بخصوص الإصلاح الديني -كما يقول الباحث المغربي- على تصورات الفيلسوف الكبير يورغن هابرماس الخاصة بما بعد العلمانية وعودة الدين، وعلى تصورات المفكر التونسي يوسف صديق، الى جانب الطرح الذي يقدمه صديقه ومستشاره الخاص حكيم القروي صاحب كتاب «الإسلام ديانة فرنسية». وفي محاولة لإجمال هذه التصورات يقول ماكرون: هدفي يتمثل في تأسيس قلب العلمانية على أساس أن الحرية هي أن يتبع المرء ديناً ما يؤمن به إذا ما أراد أو لا يؤمن به.. من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية وحرية المعتقد. ويضيف ماكرون: أتقدم نحو ذلك خطوة خطوة وسأواصل التشاور مع خبراء مسلمين ومعاهد متخصصة.. لأننا لا يجب أن نستلهم تاريخنا بقوة تاريخ الكاثوليكية والبروتستانتية.. وصولاً لعلاقة هادئة بين الإسلام والدولة. والحق عندي إنني أخشى على أطروحة ماكرون من فريقين.. الأول سيهاجم ويشكك بل ويحذر من المكر والغدر والخطة الفرنسية للقضاء على الإسلام! والآخر أن يقع الرجل على خبراء عرب ومعاهد إسلامية تحذره من الإسلام والمسلمين وتنصحه بالضرب بيد من حديد باعتبار أن المسلمين ارهابيون وتاريخهم إرهابي وإرثهم إرهابي! أخشى كذلك أن أنصح مسلمي فرنسا وأوربا بالأخذ بفقه الضرورة، والتعامل معه داخل النسق الفقهي، فيتهمونني بالانحلال. والحاصل إنني لا أحتمل اتهامي بالانحلال، مثلما اتهمت يوماً بالتشدد! ولله الأمر من قبل ومن بعد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store