Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

فساد مطابق للمواصفات !!

A A
· هل تفاجأت يوماً -عزيزي القارئ- باقتلاع رصيف أحد الشوارع الرئيسية، واستبداله برصيف آخر، في مشروع لا تبدو له أية فائدة أو حاجة تذكر؟!، هل سألت نفسك يوماً عن سبب تغيير المكاتب وأجهزة الحاسب في إدارتك رغم حداثتها وعدم حاجتها للتغيير؟!، هل خطر ببالك يوماً سبب اقتلاع بعض أشجار الشوارع ثم إعادة غرسها ثم اقتلاعها ثم غرسها مرة أخرى في عمليات إهدار مستفزة ومشبوهة؟!. لست وحدك.. فأنا شخصياً أمام منزلي شارع أعيد حفره ونبشه أكثر من عشر مرات، حتى ظننت أن في شارعنا هذا (كنزاً) مدفوناً يتم البحث عنه!.

·هذه الألاعيب تسمى في أدبيات الفاسدين بالفساد المطابق للمواصفات!، فالفساد -كما تعلم- أنواع كثيرة، منها ما يتم خلسة في الظلام؛ وتحت الطاولات، ومنها ما يتم جهاراً نهاراً من خلال سياسة (امسك لي وأقطع لك) والتي تُرسّى فيها المناقصات بطريقة منحازة وغير شرعية، لكنها للأسف (رسمية جداً) و (مطابقة للمواصفات جداً جداً) وعلى منهج ( لنا خمسون ولكم خمسون)!. وهذا الفساد المستنزف لا يترك أثراً في الغالب، وقد حذّر منه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحديداً في لقائه الشهير مع تركي الدخيل.

· للفساد أسباب كثيرة ولاشك؛ لكن هذا النوع بالتحديد قد يكون من أهم أسبابه التهاون في التشهير بالفاسدين، من المسئولين والمقاولين، والاكتفاء أحياناً بإقالتهم بصمت؛ أو إعادة تدويرهم في مؤسسات أخرى، ولعل هذا ما شجع البعض على معاودة الكرّة، وابتكار الحيل من أجل نهب حقوق الوطن والمواطنين بوحشية مفرطة. وأتذكر هنا قصة كتبها أحد السياسيين في مذكراته عند زيارته لدولة آسيوية في مطلع السبعينيات الميلادية حيث لاحظ ارتداء غالبية الشعب لقمصان رديئة الصنع كُتب عليها (NOT FOR SALE)، وتعني (ليس للبيع) ، وبعد التحري وقف على الحقيقة المرة، فالقمصان لم تكن إلا بقايا (خياش) الدقيق التي تدفقت على تلك الدولة كمعونات مجانية للشعب، لكن ( الفاسدين) بعد أن باعوا الدقيق، باعوا أيضاً (خياشه) كقمصان للفقراء، ولم يكلفوا أنفسهم حتى بإزالة العبارة المكتوبة عليها!.

·مكافحة الفساد دون إعلان وإشهار تفقد الكثير من قوتها، ومن تأثيرها في المجتمع، وخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله كان أول من أعلن عن تحويل وزير للتحقيق بمرسوم ملكي علني، وهو من وجَّه كذلك بتشكيل لجنة مكافحة الفساد برئاسة سمو ولي العهد، وهذا هو المنهج الذي يجب أن تسير عليه كل الجهات المعنية بقضايا الفساد والمفسدين، من خلال الضرب على أيدي الفاسدين بكل قوة وعلانية وشفافية، حفظاً للحقوق وردعاً لغيرهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store