Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

تأملات حول القطاع الخاص والأكاديمي والحكومي

A A
سألني ابني المتخرج مؤخراً من الجامعة عن رأيي في العمل في القطاعات المختلفة، وهي القطاع الخاص والأكاديمي والحكومي، وذلك بحكم عملي لفترات متفاوتة في جميع هذه القطاعات. الحقيقة أني فوجئت بهذا السؤال لأنه لم يسبق لي التفكير في عمل مقارنة بين تلك التجارب الوظيفية المتباينة والتي كانت جميعها بالنسبة لي تجارب أعتز بها كثيراً لدرجة أني وبدون مبالغة كلما استرجعتها لا يتبادر إلى ذهني أولاً سوى جمالها وثرائها، رغم عدم خلوها من بعض الصعوبات العادية التي لا تخلو منها عادة أي بيئة عمل. وواقع الأمر فإني بهذا الصدد أختلف مع الآراء السائدة التي كثيراً ما نسمعها ونقرأها، والتي تسم كل قطاع بصفات معينة من حيث الانضباط والعائد المادي والأمان الوظيفي ودرجة الإبداع، وتوفر فرص التعليم والتدريب، والسقف الزجاجي ومدى انتشار الواسطة والمحسوبية، وغير ذلك. وخلافي مع تلك الآراء لا يتعلق بوجود أو عدم وجود مزايا وصعوبات في كل قطاع تزيد أو تقل عن غيره، ولكن في الصورة المغلوطة المترسخة عن قطاعات معينة كوصف الأكاديمي مثلاً بالتنظير، والخاص بالافتقاد للأمان الوظيفي، والحكومي بضعف الإنتاجية وقلة الإبداع، وهكذا. فهذه في رأيي تصورات خاطئة لا يمكن تعميمها من ناحية، وهي من ناحية أخرى ترتبط بالموظف نفسه أكثر من ارتباطها بالوظيفة، وعلى الموظف أو الباحث عن وظيفة ألا يجعل كل تفكيره ينصب عليها حيث أن المتميز المنضبط المبدع في عمله يفرض نفسه، ويمكنه دوماً تجاوز ما يعترض طريقه من صعوبات في عمله، كما أن التركيز المستمر على سلبيات العمل غالباً ما يحجب رؤية الشخص عما لديه من إمكانات وقدرات، ويحجب أيضاً ما لدى الوظيفة من مزايا متاحة.

عملت شخصياً في القطاع الخاص قرابة عشرين عاماً وأدين له بفضل كبير بدءاً من جريدة المدينة التي أنشر بها مقالاتي والتي بدأت بها أول وظيفة في حياتي بعد التخرج مباشرة.. والمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق التي قضيت بشركاتها المختلفة أطول وأجمل سنوات حياتي الوظيفية، ولها الفضل بعد الله تعالى في اتاحة فرص التدريب المتخصص لي بأرقى معاهد التدريب في مجالات الإعلام والتكنلوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، إضافة لتمكينها لي من إكمال دراساتي العليا خلال فترة عملي بمكتب الشركة في واشنطن.

بالنسبة للعمل في المجال الأكاديمي فهو مجال يمكنني تشبيهه بعمل الطبيب الجراح الذي يجب أن يكون على درجة عالية من التعليم والفهم لتخصصه، يضاف لذلك مهارة التواصل والتفاعل مع شرائح مختلفة من الطلاب والباحثين والمهنيين وغيرهم، والقدرة على التفكير العلمي والنقدي الذي يستلزم عدم التحيز والاستقلالية والاعتماد على الأدلة والحقائق. هذه جميعها صفات هامة تعتبر أساساً لأي عملية اتخاذ قرار وبشكل خاص القرارات الهامة والإستراتيجية، فهي إذاً إضافة أساسية وليست مجرد تنظير.

ختاما، فإن العمل في أي موقع من مواقع القطاع العام هو شرف واعتزاز ومسؤولية كبيرة ازدادت وازدانت برؤية 2030 الطموحة والتي يفخر كل سعودي بكونه جزءاً منها وترساً من تروس عملها العظيمة دائمة الحركة والتطور.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store