Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عادل خميس الزهراني

كُتبي.. وحكاياتها المدهشة!!

طه حسين.. زارني في الثانوية، وكانت زيارة ميمونة: فعل بي كتاب (الأيام) الأفاعيل.. كنتُ أحمله في كل مكان.. دوّخني قلم طه حسين، تخيّلتُ نفسي كفيفاً أخجلُ من الأكل مع الناس، وأتلمس مكاني خارج المنزل إلى حدود السور، حيث ينتهي عالمي...

A A
لكم مع كل كتاب حكاية، أتوقع ذلك.. ولي أنا حكايات

وحكايات.. وهذه بعض منها:

أذكر جيداً قراءتي لـ(اغتيال السادات)، كنتُ صغيراً حينها، وكان الكتاب كبيراً، قرأته بتأثُّر، وظلت صورة (خالد الإسلامبولي) في الغلاف الخلفي عالقة في ذهني لزمن.. لطالما أيقظتني نظرته الهادئة خلف القضبان من نومي.. كنتُ على

يقين أنه بريء... اليوم لم يبق من اليقين بقية!

طه حسين.. زارني في الثانوية، وكانت زيارة ميمونة: فعل بي كتاب (الأيام) الأفاعيل.. كنتُ أحمله في كل مكان.. دوّخني قلم طه حسين، تخيّلتُ نفسي كفيفاً أخجلُ من الأكل مع الناس، وأتلمس مكاني خارج المنزل إلى حدود السور، حيث ينتهي عالمي... لم يدم الأمر، أصدرت المدرسة قراراً بمنع تداول كتاب طه حسين وديوان إيليا أبوماضي.. كنتُ -بطبيعة الحال- الوحيدَ المعنيّ بهذا القرار. وبعد سنين طوال، وجدتُ نفسي في رحلة برية طويلة من بونشاك إلى باندنق في إندونيسيا.. كان الطريق سفحاً ممتداً من الخضرة وحقول الأرز الفاتنة.. هكذا قال لي صديقي، أنا لم أرَ شيئاً.. كنتُ -وطه حسين- (مع أبي العلاء في سجنه

)!.

ومرةَ من الشام.. (حينما كان ملاذاً للثقافة والجمال!!) عدتُ بحصيلة رائعة من كتب نزار قباني ومطر وطرابيشي.. لكنّ حنجرة الحدود كانت أضيق من لقمتي الثمينة تلك.. ولا يزال جوع اللحظة قائماً!! كاد أن يحدث الأمر نفسه في مصر.. كنت عائداً إلى ضبا، بعبّارة تُشبه عبّارة السلام.. لعلّها هي!! تعرَّفتُ فيها على شاب سعودي يعمل في الجمارك، دعاني للعب البلوت فوافقتُ، بعد أن انتهينا، رآني أقرأ ديوان (قاسم حداد)، فبادرني: بس قاسم حداد ممنوع (آنذاك)!! اتسعتْ حدقتا عينيْ.. وضاق في القلب شريان.. لكن صديقَ البلوت طمأنني، بأنه سيتصرف.. وفعلاً كان ذلك!! كان مع قاسم حداد، مطر، وسميح القاسم، ومحفوظ، والجابري. ونزار أيضاً.. كدتُ بسببه أن أقع ضحية لعملية نصب

محترمة.. لكنني نجوتُ!.

من مصر، عثرتُ بالصدفة على الطاهر بن جلون وعلى عتمته.. (تلك العتمة الباهرة)، وبعد اثنتي عشرة ساعة، كنت أسيرُ بثقبٍ في قلبي.. ولا أزال!! وحين وصلتُ

جدة.. أهديتُ النسخة لسمير.. أخي.. وأهديته الثقب أيضاً!!

كان صديقي، صاحبَ محل الفيديو، مسافراً لليمن.. فأوصيته على الأحباب في صنعاء، وعلى البردوني والمقالح، فعاد بهما منتصراً مثل «فاتح»!! وفي العام 2001 دخل عليَّ أبوالحكم عدنان بنسخة من (الخيميائي) لباولوكويلهو، تلك التي اشتعلت في أيادي البشرية فجأة، فقرأتها على عجل، وقرأت معظم أعمال كويلهو.. وفي سانت آندروز (أقصى شمال اسكتلندا) حصلتُ على نسخة من قصة حياة كويلهو الإنجليزية (A Warrior’s Life)، سرَدها باحث بارع في 700 صفحة، قرأتها بنهم ومتعة.. وآمنتُ بعدها

أن كويلهو لا يستحق!

هذا التقلّب المزاجي، ظل سؤالاً محيراً لي.. لعلي أخذته من العقّاد.. قرأتُ روايته (سارة) في الثانوية أيضاً.. فاحتكرني في دهاليزه النفسية.. وحينَ مرّ عُمْرٌ مديد.. صدقتْ نبوءة العقّاد.. وعرفتُ (سارةً) حقيقيةً في ظروف مشابهة.. تزوجتُها.. فملأت ثقب قلبي بحبّها.. وبصغيرةٍ ملائكيةِ الشيطنة.. ندعوها «ميساء»!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store