Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

باكورة سعود القحطاني !!

A A
في صغري، وعندما كان مُعلِّم مدرستي الابتدائية يُؤدِّب التلاميذ بالباكورة الخيزرانية على راحة اليد، وكان بعضُ البليدين منهم يجلبون الباكورة له من مكانها المُخصّص لها في خزينة المدرسة تطوّعاً وخدمةً له، لعلّه يتغاضى عن تأديبهم دون غيرهم من البليدين، لكنّ المُعلِّم الفَطِن لا ينطلي عليه تخطيطهم الماكر، فيبدأ بتأديبهم هم قبل غيرهم، وحتّى لا يظنّ أحد أنّه مُحصّن ضدّ التأديب!.

وفِعْلُ المُعلِّم هذا يُشبه ما فعله المستشار بالديوان الملكي، رئيس اتحاد الأمن السيبراني والبرمجة، سعود القحطاني، مع إحدى الشركات الوطنية التي تعمل في مجال التقنية!.

وفي التفاصيل أقتبس تغريدته المُدوّنة بحسابه الرسمي في تويتر، والتي يُفهم منها بشكلٍ واضح وجه الشبه بين الفِعْليْن:

«طلب صاحب إحدى شركات التقنية لقائي اليوم بخصوص مشروع عاجل وهام، ويريد عرضه على الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة، فطلبت كشفاً بأسماء وجنسيات الموظّفين التقنيين بشركته، ٢٤ موظّفاً كلّهم أجانب!، وبمنتهى السعادة وضعت اسمه واسم شركته في القائمة السوداء لمشروعات الاتحاد»!.

انتهى الاقتباس، وهذه هي باكورة التأديب التي أودّ رؤيتها تُزمجر في يد المسئول الحكومي، لتأديب الجهات التي لا تتعاون لتوطين وظائفها، وتقدّم مصلحتها الخاصّة على مصلحة الوطن العامّة، ولا تكترث إن صار المواطن عاطلاً في وطنه والأجنبي عاملاً بأريحية وظيفية فيه، وتظنّ مثل التلميذ البليد أنّها في مأمن من التأديب طالما بادرت بجلب باكورة من المشروعات للمسئول، بينما الباكورة الحقيقية هي المشاريع التي يُفترض أن يعمل فيها المواطن، وفي الوظائف التخصّصية لا حارس الأمن فقط، وفي أعلى المناصب وأرقاها لا أدناها وأقلّها حوافز. والمستشار لا يعرفني شخصياً، وأنا كذلك، لكنّي أطالب بتعميم باكورته على كافّة الجهات لنتمكّن من توطين مهننا، خصوصاً في القطاع الخاص، فوزارة العمل يدٌ لا تستطيع التصفيق وحدها، وجهات القطاع الخاص هي التي تستطيع إنجاح التوطين إذا رغبت، فإن لم ترغب فالباكورة جاهزة، ونحن نتحدّث عن وطن يحلم بتوطين وظائفه، ويحتاج لمن يُؤازره لا من يخذله!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store