Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالمنعم مصطفى

عن صواريخ إيران ومنصاتها

المعركة التي تقول واشنطن إنها بصدد خوضها ضد طموحات طهران النووية، ستظل في دائرة السياسة والاقتصاد والتجارة على الأرجح، أما الجانب العسكري فيها، فقد تضطلع به أطراف أخرى في مواجهات غير مباشرة، هدفها، تقليص الحضور الإيراني في الإقليم ورفع كلفته المادية والبشرية إلى مستويات جديدة تماماً.

A A
ثمانية أيام تفصلنا عن موعد ضربة الرئيس الأمريكي ترامب لإعلان موقفه النهائي بشأن الاتفاق النووي الذي شاركت إدارة سلفه أوباما في التوقيع عليه قبل نحو ثلاث سنوات.

أخطر ما يتعلق باتفاق لوزان النووي، ليس ما اشتمل عليه، وإنما ما غاب عنه، وما تفلَّت من نصوصه.

فالاتفاق الذي قيد قدرة إيران على المضي قدماً في برنامج نووي، كان سيضعها فوق العتبة النووية، إن تأخَّر التوقيع عليه لبضعة أشهر، قد أغفل معالجة الدوافع الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني.

امتلاك وسائل القوة ليس هدفاً بذاته، وإنما نتائج امتلاك وسائل القوة هي الهدف، وهذا ما يعرفه الإيرانيون، الذين يستهدفون إقامة مناطق نفوذ لهم في الشرق الأوسط، بالنووي أو بدونه، وهم قد استطاعوا ذلك بالفعل من خلال نشر نموذج (حزب الله)، تلك الميليشيا المذهبية الإيرانية، التي تعمل داخل مناطق تستهدف طهران السيطرة عليها، ودمجها ضمن برنامج دؤوب للسيطرة على شرق المتوسط (سوريا ولبنان وغزة) وجنوب الجزيرة العربية (اليمن).

إصرار إيران على امتلاك المعرفة النووية، وحرصها على أن يكون تقييد برنامجهاالنووي (مؤقتاً) لا مطلقاً، كان يقطع منذ البداية بأنها تتطلع بعد توسيع الدور إلى حمايته لاحقاً بالقنبلة.

أهداف ترامب التي قد يعكسها قراره في الثاني عشر من مايو المقبل بشأن الاتفاق النووي مع طهران، تتركز غالباً في محاصرة وتقويض التمدد الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، من جهة، وفي تحويل القيود التي تضمّنها الاتفاق النووي مع إيران، من قيود مؤقتة، إلى قيود مطلقة.

انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع طهران (5+1) قد يؤدي إلى تقويض الاتفاق برمته، وقد يشرع الأبواب لاحقاً لحرب كبرى في الإقليم، إذا ما رد الإيرانيون بتطوير سلاح نووي، أو بتحريك مليشياتهم للقيام بهجمات ضد إسرائيل، انطلاقاً من سوريا أو لبنان. ولهذا فإنني لا أميل إلى توقُّع إعلان أمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران، وإن كنت أرى مقدمات إعادة صياغة موقف غربي موحد (امريكا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) يستهدف حمل طهران على توقيع اتفاقات تكميلية، تستهدف تقييد قدرات إيران الصاروخية من جهة، وتقليص حضورها في شرق المتوسط وجنوب الجزيرة العربية من جهة أخرى.

أتوقع أن تعلن إدارة أوباما عن تعليق استمرارها بالاتفاق النووي على جملة شروط تتعلق ببرنامج إيران الصاروخي وبدورها الإقليمي، وأتوقع تضامناً ثلاثياً غربياً (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) مع إعلان ترامب المرتقب.

التسخين الإعلامي، وحتى العسكري الذي يسبق موعد 12 مايو المرتقب، هدفه تعزيز قدرة الضغوط السياسية الغربية على تطويع الموقف الإيراني فيما يتعلق بالدخول في مفاوضات بشأن برنامج طهران الصاروخي. يدخل في سياق هذا التسخين، إعلان نتانياهو عن خطط إيرانية كشفتها مخابرات إسرائيل، لامتلاك خمسة رؤوس نووية، وكذلك ما طرحه من وثائق سرية إيرانية عن برنامج طهران النووي، قال إن الموساد تمكَّن من الاستيلاء عليها.

لا أتوقع تجاوباً إيرانياً فورياً مع الضغوط التي تقودها الولايات المتحدة، لكنني أيضاً لا أتوقع صداماً إيرانياً مباشراً رداً على تلك الضغوط، وإن كنت لا أستبعد عملاً عسكرياً إسرائيلياً يستهدف قوات حزب الله في لبنان وقواعده ومستودعات ذخائره وصواريخه، وربما في سوريا أيضاً.

المعركة التي تقول واشنطن إنها بصدد خوضها ضد طموحات طهران النووية، ستظل في دائرة السياسة والاقتصاد والتجارة على الأرجح، أما الجانب العسكري فيها، فقد تضطلع به أطراف أخرى في مواجهات غير مباشرة، هدفها، تقليص الحضور الإيراني في الإقليم ورفع كلفته المادية والبشرية إلى مستويات جديدة تماماً.

معركة تقزيم فارس، سوف تتركز في الغالب على تقييد صواريخها، وحرمانها من منصات إطلاق لها في سوريا ولبنان والعراق واليمن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store