يمر الاقتصاد السعودي بمرحلة إعادة هيكلة وضغط مُؤثِّر على كل المستويات، والسبب يعود إلى تغيير في النمط وطبيعة الأنشطة الاقتصادية المُؤثِّرة في السوق السعودي.. فالميزة النسبية والتنافسية يتم الآن تحوُّلها، بحيثُ تصبح ميزة حقيقية لا تستند على الدعم الحكومي، كما هو حاصل سابقا. فالدولة ترغب في أن تكون هناك أنشطة اقتصادية قادرة على الاستمرار والمنافسة في عالمنا المتغيِّر، علاوةً على أن طبيعة المستهلك السعودي والتركيبة السكانية تغيَّرت، وفِي اتجاهها للتغيُّر بصورةٍ أكبر من السابق، الوضع الذي يستلزم من القطاعات الاقتصادية أن تتغيّر لتتناسب مع الأوضاع السائدة والتغيرات الحاصلة. ونتوقع مع نهاية العقد الحالي، والعقد التالي أن يكون التغيُّر وإعادة محورة الاقتصاد السعودي حقيقة واقعة.
الاقتصاد السعودي خلال نصف قرن سابق؛ اعتمد على مزايا نسبية وتنافسية، ساهمت في وصوله لوضعه الحالي، والذي تمثَّل في: انخفاض الطاقة، الرسوم والضرائب شبه منعدمة، عمالة رخيصة منخفضة التكلفة، وتوفر بعض المواد الخام المحلية الرخيصة، وفِي المقابل كانت القوى التضخمية مؤثرة في الاقتصاد، وخاصة فيما يمس العقار والوحدات العقارية، والتي شكلت الاقتصاد السعودي وكوَّنته بوضعهِ الحالي. ويمكن القول: إن هذه المزايا ساهمت في دفع الاقتصاد علاوةً على الإنفاق الحكومي من خلال مصادر الثروة الطبيعية.
في المقابل، ونتيجة التركيبة الحالية للقوى العاملة ونسبة البطالة بين المواطنين، والاعتماد على مزايا مصطنعة، تُوجِد عبئا على الدولة ودخلها، وتستنزف الموارد، مقابل قيمة مضافة لم تُحقِّق فائدة قوية للتركيبة الاقتصادية السعودية، وأثَّرت على الوضع العام.. واتجهت الدولة في نهاية العقد الحالي ٢٠١٦ ومن خلال خطط طموحة إلى إلغاء بعض المزايا الموفرة، سواء من زاوية الطاقة أو العمالة أو الموارد الطبيعية والعقار لتخفيف العبء علي موارد الدولة تمهيداً لتوجيهها نحو أنشطة وقطاعات اقتصادية جديدة، يمكن أن تُسهم في التحوُّل الاقتصادي وتعريف الثروة ومصادر الدخل في الاقتصاد السعودي. فالتوجه الحالي يُركِّز على مشروعات عملاقة تعتمد في تشغيلها وإنتاجيتها على توظيف المواطن من خلال الأعمال الحرة أو المنشآت المتوسطة والصغيرة. الأمر الذي يضع الاقتصاد السعودي على بداية طريق جديد وأنشطة اقتصادية مُؤثِّرة لها قيمة مضافة مرتفعة، ولها القدرة على تكوين ميزتها التنافسية والنسبية للمنافسة في الأسواق العالمية.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
