Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

كباب الميرو !!

A A
كلّما آكل كباب الميرو أتذكّر زميل الكتابة الصحفية، ابن مكّة المكرّمة، الناصح الجسد، الظريف الروح، بسّام فتيني، لأنّه يعشقه كما عَشِقَ قيسٌ ليلى، ويُفضّله على ما سواه من الطعام!.

غير أنّني هذه المرّة لم أتذكّر بسّاماً عندما أكلْتُ الكباب في محلّ صغير متخصّص في طبخه بجدّة، بل تذكّرْتُ المعوقات التي تواجه المواطن حينما يتفرّغ للعمل الحُرّ المُستقِّل به، فتُطيح به المعوقات أرضاً كما يُطيح المصارع بخصمه على الحلبة، وتُعرِّضه للفشل الذريع!.

والمحلّ تابع لمواطن شاب، يتّقد حماساً ونشاطاً، ويُقدّم الكباب الميرو بنكهته المكّية الأصلية اللذيذة، وقد استمْتعْتُ أنا حقيقةً بأكله، رغم أنّني لسْتُ من أنصار الدُخن الذي يدخل ضمن مُكوّناته، وما زلت أذكر ذلك المُعلِّم الشامي القبضايا في مدرستي الإبتدائية بالطائف وهو يزجرني بقوله «عساك الدُخن» حين لا أعمل واجبي المنزلي!.

والمواطن سيُقفل المحلّ لغلاء إيجاره البالغ ٩٠ ألف ريال سنوياً، رغم مساحته الصغيرة التي تطلّ على شارع غير رئيسي، ويشتكي أنّ جُلّ أرباحه يُجيّرها لمالك المحلّ، وما يبقى من الكُلّ بعد تجيير الجُلّ يذهب لتسديد فواتير خدمات المحلّ ورواتب عامليه المُساعِدين، وهكذا يصعد لهاوية الخسارة، ومن الأفضل له أن يعثر على وظيفة ولو براتب متواضع بدلاً من خسائر المحلّ وتوابعها التي تُشبه توابع الزلازل!.

هكذا قال، أمّا أنا فأقول إنّنا كمجتمع، أفراداً وجهات، نُنَظِّر لتوطين المهن، كلّ المهن، بما في ذلك مهن قطاع المطاعم، لكنّنا لا نفعل شيئاً لإزالة المعوقات التي تواجه مواطنينا إذا أرادوا امتهانها، ومنها ارتفاع سعر إيجار المحلّات، والذي يقول عكس ذلك من الاقتصاديين هو في سابع نُومة وأعمق جخير، والإيجارات أكبر من طاقة المواطنين للمشاريع الصغيرة والمتوسّطة التي هي عصب أيّ اقتصاد، وكأيّن من مشروع قد فشل بسبب ذلك، ولا خطّة لمعالجة المشكلة تبدو في الأفق، وليس الأمر محصوراً في مهنة كبابجي الميرو وإيجار محلّه، بل في كلّ المهن اليدوية التي هي بالآلاف، وتحوم حولها معوقات التوطين كما يحوم الذُباب حول الطعام، والمطلوب معالجة المعوقات بِطَحْنٍ كبيرٍ خالٍ من الجعجعة والتنظير!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store