Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

دجاج يقربك إلى الله أكثر!!

A A
* لا أظنني أكشف سراً عندما أقول أن الاتجار بالدين من أقدم أنواع التجارة وأكثرها انتشاراً عبر التاريخ، خصوصًا في المجتمعات الجاهلة وقليلة المعرفة. والدين هنا ليس بالضرورة أن يكون الإسلام، فكل الأديان -حتى الوضعية منها- كانت لها أسواق و(هوامير) ووسطاء حاولوا استغلال عواطف الناس وآلامهم وحاجاتهم الروحية والتربح منها!. المضحك والمؤسف في آن؛ ان معظم أنواع هذه التجارة (الخاسرة) تنجح بسرعة عجيبة خصوصًا في منطقتنا العربية التي كثيراً ما يغيب فيها العقل أمام العاطفة، بدءًا من (وضع) الأحاديث على النبي الكريم لمصالح دنيوية، أو تفسير القرآن الكريم على مقاس الأهواء، وصولاً إلى تجارة بيع الزيوت والمياه باسم الرقية والعلاج!.

* ثمة قاعدة (رخيصة) في أعراف تجار الدين تقول عليك بتغليف أي سلعة كاسدة بغلاف ديني لتنجح، ومع ارتفاع مستوى العاطفة الدينية في الشهر الكريم يرتفع (سُعار) تجار الدين في العادة، فبعد أن شاهدنا في الأعوام السابقة نوعاً من الأرز يروّج له أحد مشاهير الدعاة السعوديين في زكاة الفطر! ها نحن نشاهد (ثوباً) خاصاً لصلاة التراويح يكسبك المزيد من الحسنات!، ثم جاءت ثالثة الأثافي قبل أيام حين أعلن أحد دعاة الفيسبوك المشهورين عن دجاج يقربك الى الله أكثر!! في إعلان مفضوح وممجوج يعد حلقة (هزلية) من مسلسل التربح الذي ينشره بعض المحسوبين على الدين في حساباتهم الشخصية، أو تنشره بعض القنوات (المتأسلمة) في إعلاناتها المضحكة المبكية عن المكيفات والثلاجات الروحانية، والسجادة التي تطير بك إلى الجنة!

* التربح باسم الدين أيًا كان شكله أو حجمه هو استهزاء بالدين، وشعائره. لكن أجمل ما في هذه الظاهرة التي انتشرت بانتشار وسائل التواصل هو ردة الفعل الشعبية تجاهها، ووعي معظم الناس ‏‎‎‎‎‎بالفارق الكبير بين التجارة مع الله والإتجار بالدين. ولعل الجميع تابع الردود والانتقادات القوية والعقلانية التي وجهت (للداعية النجم) والتي ألزمته بالاعتذار عن سقطته.‏

* من حق أي شخص سواء كان داعية أو غيره عمل إعلان لأي سلعة، لكن لا يحق له أبداً استخدام الدين طريقاً وستاراً (لبزنسه) الخاص.. جماهيريتكم ومحبة الناس لكم هي محبة للدين نفسه، وليس لشخوصكم، فلا تغرنكم تلك الجماهيرية فتعتقدوا أنكم تستطيعون تجييرها لمصالحكم الدنيوية.. أبعدوا الدين عن (رُزِّكم) و(دجاجكم) وعن كل تجارتكم.. ولا تحاولوا خديعة الناس فوعي الناس قد تغير.. وهذا يكفي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store