دعواتك يا أم ميغان!

الزواج قسمة ونصيب، هذه حقيقة إيمانية راسخة بالنسبة للعقيدة الإسلامية، فكل شيء مكتوب، وما يأخذ ابن آدم غير ما قسَّم له رب العالمين، كل هذه المعاني نجيد استهلاكها عبارات وجملاً في مواقف تخص الآخرين، وربما نرددها بأفواهنا فقط أما ما وقر في عقولنا وقلوبنا فهو -للأسف- يناقض ما تردده أفواهنا، وأفعالنا أيضاً تنافي هذه الحقيقة الإيمانية، بينما تمارس مجتمعات أخرى جوهر هذه الحقيقة، ممارسة واعية تحت مبادئ الحقوق الفردية والحرية، حرية الاختيار، حيث حق الفرد البالغ الراشد في اختيار حياته، وأهم اختيار يمارسه الفرد الراشد هو اختيار شريك الحياة دون ضغوط أسرية أو اجتماعية، أو قيم قبلية تفرق الزوجين وتشتت الأطفال تحت ذريعة (عدم تكافؤ النسب) فالحب كقيمة عليا تجمع القلوب دون خضوع لمعايير طبقية أو مقاسات جمالية، وأعراف اجتماعية تساهم في مآسٍ أسرية واجتماعية مستقبلية، بل كل شخص يمارس حقه في الاختيار لا فرق بين أسود وأبيض، غني وفقير ودون الخضوع لمعايير المعاني الثنائية المتضادة التي تعيق اجتماع

القلوب وتكوين أسرة بنيانها ثابت.

ربما لذلك صدم عالمنا العربي المنحاز إلى مفاهيم تجاوزها الغرب من هذا الزواج الملكي غير المتكافئ للأمير هاري وراشيل ميغان ماركل، فهي أمريكية، والدتها من أصول أفريقية، ميغان تكبر هاري بـ»3» سنوات، وتمتهن التمثيل، ولا تمتلك معايير جمالية يمكن أن تغطي على كل تلك الفروق المريعة بالنسبة لنظرتنا لاختيار شاب وسيم ولم يسبق له الزواج، ويحتل المرتبة السادسة في ولاية عهد بريطانيا. وتابع العالم الزفاف للمشاركة في البهجة والجمال، والحدث الملكي بكل تلك الأبهة والبهاء الذي يستثمر اقتصادياً، من دخل السياحة وكل الهدايا التذكارية التي تحمل صورة العروسين، اللذين قررا أن يمضيا آخر ليلة قبل الزفاف في فندقين منفصلين، فاختار هاري فندق «كوورث بارك» بصحبة شقيقه الأكبر، تبلغ قيمة قضاء الليلة في الفندق 1,725 دولاراً، واختارت ماركل فندق « كليفدين هاوس « ويبلغ سعر الجناح « 2,088 « دولاراً، أتصور أن إقامة العروسين في الفندقين مجانية لأن وجودهما يعني اشغالات الغرف والأجنحة بالكامل بأضعاف الأسعار الأصلية، لرؤية العروسين عن قرب خلال إقامتهما.

تفاصيل كثيرة مهمة إنسانياً وبروتوكولياً لم تلفت انتباه من ركز اهتمامه على تفاصيل هامشية لا تمثل قيمة حقيقية في العلاقات الزوجية وليست معياراً مهما لنجاحها، الحب الذي جمع القلبين الشابين هو القيمة الحقيقية، أيضاً المظهر الذي ظهرت به ماركل لم تستثمر هذا الظهور الجماهيري والإعلامي لتقوم بعدد من عمليات التجميل للأنف مثلاً، بينما أصبحت الأنوف والوجوه نسخاً مكررة من عمليات التجميل في بلداننا.

فستان الزفاف الأنيق المحتشم، شعرها المنسدل بدون تعقيدات وبدون حشوات وتوصيلات، دعم الملكة اليزابيث لاختيار حفيدها وتقديم وثيقة الموافقة مكتوبة بخط اليد، لا أريد نقل تفاصيل موجودة على الانترنت ولكن أردت تجميع التفاصيل التي ربما لا يراها الكثيرون خلال التركيز على أمور تجاوزها الغرب، وربما مجتمعات أخرى تجاوزتها وكان علينا نحن كمسلمين عدم الوقوع فيها لا تجاوزها فقط لأنها تتنافى مع روح الإسلام وحق الأبناء في الاختيار، ولا زال زواج القاصرات يشكل بؤرة صديدية في جسد المجتمعات العربية، لأنه ينتج أسراً مصابة بالتعاسة وكافة الأمراض النفسية التي تعيشها الطفلة الصغيرة التي تزف لكهل أو لرجل يكبرها بعقود هدفه المتعة الحسية بعيداً عن قيم وأهداف الزواج الناجح.

لكن أطرف التعليقات على الزفاف الملكي رسالة انتشرت على الواتس (بمناسبة شهر رمضان يبحث الآن الجميع عن نص الدعاء الذي دعت به والدة ميغان ماركل لابنتها )، دعواتك يا أم ميغان لنتخلص من التوافه التي تعيق حياتنا!.