Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

حتى لو اعتذر ٧٠ مرّة!!

بضاعة مزجاة

A A
كِدْتُ ألغي هذا المقال بعد اعتذار الداعية الإسلامي «عمرو خالد» عمّا قاله في إعلانه التجاري عن أحد أصناف الدجاج، لكنّي آثرْتُ نشره لأنّ اعتذاره لم يكن مُقْنِعاً لي، وأعتقد أنّه اعتذار يحتاج لاعتذار!.

ودعوني أبدأ بالقول أنّ اشتراك خالد في الإعلان ليس عيباً، ومن حقّه تصوير الإعلانات عن الدجاج سواء كانت إعلانات خيرية أو مقبوضة الثمن، طالما كان الدجاج الذي يُعلِن عنه من سلالة مزايين الديوك، ومذبوحاً بالحلال، وغير مُغذَّى بالهرمونات التي تنفخه وتضرّ صحّة من يأكله مسلوقاً أو مشوياً أو مقلياً!.

لكن أن يُخاطِبَ خالد المُتلقِّي للإعلان بأنّ روحه لن ترتقي إلّا عندما يكون جسده وبطنه «صح»، وأنّ «الصح» سيتحقّق مع هذا الصنف من الدجاج، وأنّ الارتقاء لله خلال قيام الليل بعد صلاة التراويح سوف يكون أحلى بفضل أَكْل الدجاج، فهذا تسفيه لعقلية المُتلقِّي سواءً كان مُثقّفاً نخبوياً أو أمّياً لا يفكّ حرفاً واحداً ويعمل في حراج الفحم والحطب!.

وهنا آتي لِلُبّ الموضوع، إذ كلّ المعلومات التي أتحفنا بها خالد في الإعلان هي خاطئة، فالروح ترتقي حتى لو كان الجسد والبطن اللذان تسكن فيهما مريضيْن، وقصّة النبيّ أيوب عليه السلام خير مثال، فقد مَرِضَ جَسَدُه كلُّه ومع ذلك استمرّت روحه في الارتقاء، وحالما دعا ربّه بروحه المُرتقية: «ربّي إنّي مسّني الضُرّ وأنت أرحم الراحمين» استجاب له ربّه، فكشف ما به ضُرّ، وكذلك الحال لخطأ معلومة حلاوة الارتقاء لله خلال قيام الليل بعد صلاة التراويح بفضل أكل الدجاج، فلا الدجاج ولا غيره من فاخر الطعام يفعل ذلك، بل الإخلاص في العبادة، ولو ببطن فارغة، وكان نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم يقوم الليل ببطن فارغة إلّا من الأسوديْن، التمر والماء، ويُناجي ربّه مناجاةً هي الأحلى بين نجوى جميع العالَمِين!.

وبالمناسبة، لقد ذكر خالدٌ هذه القصص في برامجه عشرات المرّات، فكيف يُعلِن تجارياً عكس ما يذكر من قصص؟! لقد كَبُر مقتاً أن يُعلِن المرءُ عكس ما يذكر، وهذا سقوط مُدَوٍّ لداعية أشهر من نار على علم، حتّى لو اعتذر ٧٠ مرّة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store