Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمود إبراهيم الدوعان

معاملات بلا ورق

أما أن تترك الأمور بدون رقابة أو متابعة، فسوف يؤدي إلى تعطيل مصالح الناس، والعودة إلى البيروقراطية الأولى التي عانى منها الناس كثيراً، وكانت سبباً في إهدار الوقت، والجهد، والمال.

A A
أحرزت المملكة تقدماً كبيراً في إدخال وسائل التقنية الحديثة في العديد من قطاعاتها الحكومية، وفي تنفيذ العديد من مشاريعها، وتنمية قدرات وزاراتها وإداراتها الحكومية وقطاعاتها المختلفة عامةً وخاصة، كما أصبحت من الدول المتقدمة في استخدام التقنية في شتى مناحي أجهزتها المختلفة، وأصبح موظّفوها على علمٍ ودراية بالبرامج الحاسوبية واستخداماتها المتباينة وتسخيرها لسرعة الإنجاز في معظم معاملاتنا، وبذلك تقدَّمنا على العديد من الدول في محيطنا العربي والإسلامي.

بعض الإدارات الحكومية ما زالت ترزح تحت وطأة الروتين القديم والبيروقراطية المملة في إنجاز معاملاتها التي تهم شريحة من المواطنين والمقيمين، وتعطل مصالحهم وتُؤخِّر إجراءات إنجاز معاملاتهم، وما زال الفكر البيروقراطي يسيطر على عقول بعض الموظفين في إنجاز العمل في حينه، علماً بأن الإجراءات تتم عبر رصد البيانات المطلوبة في الحاسوب، وما على الموظف المتكاسل في أداء مهامه المُكلّف بها سوى ضغطة زر؛ لإرسالها للجهة المختصة لإكمال اللازم.

جهود الدولة في استخدام التقنية الحديثة، وتسريع العمل المؤسسي في جميع أجهزتها ومفاصلها المختلفة، يعكس حرص القائمين على شؤونها لتوفير أرقى وسائل التطوير والإنجاز، لتواكب النمو والتطور المتنامي لمعظم دول العالم المتقدم، حيث التواصل ونقل المعلومة من مكانٍ إلى آخر، أصبح لا يستغرق أكثر من ثوانٍ معدودة، حيث إن عامل الزمن أصبح مهماً جداً في حياة الشعوب، وتسريع حركة التنمية في الدول التي تنشد الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة أصبح مطلباً رئيساً، وأن التأخير، أو تعطيل العمل والمعاملات قد يُؤثِّر كثيراً على حركة التنمية المتسارعة التي تعيشها بلادنا، وقد ينشأ عن هذا التأخير إعاقة لمصالح المستفيدين، ومصالح الوطن نفسه الذي ينشد التكامل في كل أحواله.

قد تكون منظومة العمل في جهةٍ ما؛ مرتبة ومنظمة، وتسير سيراً حسناً، وتعمل بكفاءةٍ عالية، وتنجز معظم أعمالها يومياً، ويشهد لها الجميع بجودة الأداء، وسرعة التنفيذ، ولكن وجود موظف متكاسل واحد فقط أو عدة موظفين قد يُسيء أو يضر بسمعة هذه المنشأة، ويضر بمصالح هذه الإدارة، أو الوزارة، ويعطي انطباعاً غير لائق عنها.

جهة المتابعة في كل قطاع حكومي خدمي عام أو خاص مهمة جداً، وقد يسند أمر المتابعة إلى رئيس الجهة، أو مدير الإدارة فيها، لمتابعة سير المعاملات إلكترونياً، وإنفاذها في حينها إذا كانت مكتملة الإجراءات، وكذلك الحال في متابعة أداء الموظفين، ومدى التزامهم بالحضور والانصراف، وإنجاز ما يُوكل إليهم من أعمال، وبما يضمن سرعة سير العمل، والإنجاز بدون تأخير، أما أن تترك الأمور بدون رقابة أو متابعة، فسوف يؤدي إلى تعطيل مصالح الناس، والعودة إلى البيروقراطية الأولى التي عانى منها الناس كثيراً، وكانت سبباً في إهدار الوقت، والجهد، والمال

.

إن العمل الجاد ومراقبة الله في العمل مسؤولية كل مَن أُوكل إليه مهمة خدمة الناس، بأن يؤدي مهام عمله على أكمل وجه، وأن ينشد الأجر والمثوبة من الله قبل ثناء المسؤولين، وأن يُسهِّل أمور العباد بسرعة إنجاز معاملاتهم، كما هو شعار ولاة أمرنا -رعاهم الله- في هذه الدولة، حيث يُذّكِّرون المسؤولين في كل مناسبة بضرورة تسهيل أمور المواطنين والعمل على خدمتهم لأن خدمة الناس شرفٌ عظيم يُدركه أصحاب العقول الراجحة والأنفس الزكية، وقد أكَّد ذلك قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس.. ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل».. أصلح الله أحوال الجميع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store