Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

استنطاق المكان وليس مجرد وصفه!

ولذلك أرى أهمية إعادة النظر في قراءتنا لتلك السيرة العطرة لِنَنتقل فيها ومعها من مجرد سَرد الأحداث والتعريف بالأماكن والمعَالَم التي احتضنتها إلى سماع نبض العِبَر والحِكم والدروس التي تنطق بها، والعمل على تحويلها إلى معانٍ ملموسة في واقعنا

A A
* قبل سنوات التقيتُ بالداعية الأمريكي (حمزة يوسف أو «مارك هانسن»)؛ وذلك في إحدى حلقات برنامجي (الإسلام والآخر)، الذي كان يُبثّ عبر أثير إذاعة جدّة، وكان ضمن عناوين الحِوار أن الأمن الأمريكي، وقبل أحداث (11 سبتمبر) كان يسمح بدخول الدُّعَـاة المسلمين إلى السجون؛ لأنهم كانوا قادرين على التأثير الإيجابي في المساجين، والذين كان الكثير منهم يقتنع بالإسلام، خاصة بعد أن يتعرفوا على سيرة نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم ومواقفه النبيلة حتى مع أعدائه والمخالفين له، ودعوته للمساواة بين الناس دون أي تمييز أو عنصرية، وأولئك بعد إسلامهم لا يعودون للجريمة، وهذا ما كانت تحرص عليه دائرة السجون الأمريكية.

* ذلك الحِوار تذكرته ودار الملاحظة الاجتماعية بالقريات، وبالتعاون مع مكتب الدعوة وتوعية الجاليات هناك تختتم قبل أيام برنامج «سيرة الرسول مواقف وفوائد» والذي نُفِّذ على مدار ثلاثة أشهر، وكان له أثر بالغ في تغيير سلوك نُزلاء الدَّار.

* وهنا أجزم أن سيرة سَيّد الخلق نبينا محمد عليه الصلاة والسلام مدرسة تحتضن كل النظريات التربوية الناجحة القديم منها والحديث، بل وتتجاوزها بتركيزها على المعاملات الحسنة بين الناس على اختلاف مرجعياتهم الدينية والثقافية والاقتصادية لتسمو بهم، وتحلق بهم بعيداً نحو الإنسانية بأبهى صُـورها.

* ولذلك أرى أهمية إعادة النظر في قراءتنا لتلك السيرة العطرة لِنَنتقل فيها ومعها من مجرد سَرد الأحداث والتعريف بالأماكن والمعَالَم التي احتضنتها إلى سماع نبض العِبَر والحِكم والدروس التي تنطق بها، والعمل على تحويلها إلى معانٍ ملموسة في واقعنا

من خلال تطبيقات معاصرة لها، تفيد من البرامج والتقنيات الحديثة، على أن يكون ضمن حملة تستثمر منابر المساجد، والمدارس، والجامعات، ووسائل الإعلام التقليدية والحديثة، ودور الملاحظات والسجون؛ فبالتأكيد نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم هـو (المعلم الأول)، وسيرته وتفاصيل حياته كانت ولاتزال جامعة مفتوحة تتصف بجودة المخرجات، وهي حاصلة على كل الاعتمادات من ربّ السموات.

* أخيراً (مبادرة التاريخ الإسلامي المفتوح) التي تسعى لتعريف طلاب المملكة بالمعالم التاريخية والمقومات التراثية والأثرية بالمدينة النبوية؛ وذلك من خلال زيارتهم الميدانية للمواقع التاريخية تستحق التقدير؛ فشكراً لإدارة التعليم بالمدينة المنورة التي تبنت تلك المبادرة، وما أرجوه أن تـركّز في ممارساتها على استنطاق المكان وليس مجرد وصفه!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store