Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

أنا من المتفائلين برؤية عشرين ثلاثين (1)

الحبر الأصفر

A A
دَوَام الحَال مِن المُحَال، والتَّغيير هو سنّة اللهِ فِي الأَرض، ولَكن البَشَر -بشَكلٍ عَام- لَا يُحبُّون التَّغيير، ويَدعون فِي كُلِّ أَوقَاتهم قَائِلين: (الله لَا يُغيِّر عَلينَا)، وأَكيد أَنَّ هَذا الدُّعَاء جيَّد إذَا قُلنَا: الله لَا يُغيِّر عَلينَا نِعمة الأَمْن والأَمَان، والصحَّة والسلَامَة.. أَمَّا فِيمَا يَخصُّ الأمُور الأُخرَى، فإنَّ التَّغيير هو قَلبهَا النَّابِض، وهَذا مِصدَاق لقَوله -جَلَّ وعَزّ-: (إنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)..!

عِندَمَا جَاءَت الرُّؤيَة -أَقصُد رُؤية المَملَكَة 2030-، جَاءَت مَعهَا سِلسلَة طَويلَة مِن التَّغيِّيرَات، تَشمَل نَمَط الحَيَاة وجَودتهَا، وتَبديل سلُوكيَّاتنا فِي القِيَادَة، وفِي الشِّرَاء وفِي الحَركَة، والنَّاس -بطَبيعتهم- لَا يَتأَقلَمُون مَع التَّحديثَات السَّريعَة، هَذا فِيمَا يَخصُّ العَادَات الاستهلَاكيَّة فِي حيَاتِهم اليَوميَّة، أَمَّا فِيمَا يَخصُّ شِرَاء الأَجهزَة وأَحدَث التَّقنيَّات، فهُم يُقبِلون عَليهَا، قَبل أَنْ تَصَل إلَى المَملَكَة..!

إنَّ الرَّابِحين الأَوَائِل فِي كُلِّ مَشروع، هُم مَن يَتأقلَمُون مَعه بسُرعة، وقَد أَثبَتَت الأَيَّام أَنَّ المُؤسِّسين فِي كُلِّ فِكرة جَديدَة هُم الفَائِزون، لأنَّهم اتّخذوا قَرَار المُخَاطَرَة والمُسَاهَمَة فِي التَّغيير..!

عِندَما جَاءَت الرُّؤية رَحَّبتُ بِهَا وقَرَأتُ بنُودهَا، وبَدأتُ أُفصِّل ثِيَاب حَيَاتِي المَعيشيَّة عَلَى مَقَاسِهَا، فهي تَدعُو إلَى ثَقَافة الادِّخَار، لِذَلك حَاولتُ أَنْ أَدّخر. وهي تَدعو إلِى الإنفَاق الذَّكي، فصِرتُ أُنفق المَال بطَريقَة ذَكيَّة. وهي تَدعو إلَى التَّرشيد فِي استهلَاك الكَهربَاء، فأَصبَحتُ مِن المُرَشِّدين. وهي تَحثُّ عَلَى المَشي، فزدتُ جُرعة المَشي، لأنَّني كُنتُ مِن المَشَّائين الأَوَائِل. وهي تُشجِّع عَلَى الاستثمَار الذَّكي، فصِرتُ أَجتَهَد فِي البَحث عَن الاستثمَارَات الذَّكيَّة.. وبالتَّأكيد هُنَاك أَهدَاف كَبيرة تَطرحهَا الرُّؤية، بحَاجةٍ إلَى تَفصيل المُختَّصين، ولَا نَستَطيع حَشرهَا فِي مَقالٍ قَصير كهَذَا..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: أَيُّها النَّاس، لقَد تَأمّلتُ الرُّؤية جيِّداً، فوَجدتُ نَفسي بَين خِيَاريْن لَا ثَالِث لَهمَا: إمَّا ركُوب قِطَار الرُّؤية، وقَصّ تَذكرة التَّحوُّل الوَطني، وأَتحوَّل مَع المُتحوِّلين، وأَتأَقلَم مَع المُتأَقلمين، وأَتغيَّر مَع المُتغيِّرين، وأَركَب مَع الرَّاكبين.. أَو أَجلِس مَع القَاعدين الكسَالَى عَلى رَصيف الزَّمن، حَتَّى يَفوتني القِطَار..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store