Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الهدوء ما قبل العاصفة

No Image

A A
بادئ ذي بدء، أغلبنا إن لم نكن جميعاً نعلم أن العلاقات السعودية الإيرانية تحكمها الاختلافات السياسية والعرقية والمذهبية على مر التاريخ حيث اتسمت تلك العلاقات بين البلدين بطابع الاحتقان الشديد أو ما يجوز تسميته بالهدوء الذي يسبق العاصفة، وبين مد وجزر كانت تنقطع العلاقات تارة وأخرى تعود المياه إلى مجاريها رغم ذلك لم تكن يوما صافية أو راكدة (لن ننسى أحداث مكة 1987 وما قبلها).

أيقنت إيران أن سياستها الخرقاء تجاه المملكة لن تجدي نفعاً فبدأت بإستراتيجية جديدة تسمى الحصار لتصغير رقعة المملكة ونفوذها في الشرق الأوسط بواسطة ملفين مهمين؛ ملف لخلق المشكلة وتفشيها وملف لقمعها والقضاء عليها أو ما تصوره لنا للظهور بمظهر المخلص وتحظى بدور البطولة.

ولا يمكننا التغافل عن دور الملك عبدالله رحمه الله وسياسته الهادئة والحاسمة في آن واحد فإبان تصاعد الأوضاع العربية (الربيع العربي) والبرنامج النووي الإيراني وازدهار بؤر الحركات والجماعات الإرهابية اتسمت سياسته بعدة أمور منها ملء فراغ استراتيجي خلفه غياب بعض الدول المحورية مثل العراق ومصر وأيضاً المساهمة في ترسيخ الأمن وأنظمة الحكم في بعض الدول مثل اليمن (المبادرة الخليجية) والبحرين وسوريا.

وبرغم أن إيران وقعت ودول مجموعة (5+1) على خطة عمل شاملة مشتركة وطويلة الأمد تضمن طبيعة البرنامج النووي المقتصر فقط على الأغراض السلمية وهذا ما وافقت وصدقت عليه إيران في مقابل رفع العقوبات إلا أنها لم تتوانَ عن مخططاتها الخبيثة وسياستها العدائية من خلال نشر الفتن والطائفية لزعزعة الأمن وخلق فوضى عارمة يضيع فيها الحق والصواب.

وحيث أن السياسة والاقتصاد هما وجهان لعملة واحدة تحكمهما المصالح والفوائد الشخصية متمثلة في الأوطان حرص الأمير الشاب محمد بن سلمان بجرأته وشجاعته على اتباع استراتيجية جديدة مفادها أن لا مصالح مشتركة بدون كسب رضا المملكة، فسخر كل مساعيه الاقتصادية وعلاقات بلاده الدبلوماسية لاستعادة أمن المنطقة (الشرق الأوسط) كما نرى ذلك في رحلته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الخطط الذكية والحكيمة هي ما أجبرت الرئيس الأمريكي ترامب إعلان انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم مع إيران.

أما الآن وبعد تلك التصريحات سيضيق الخناق على سياسة إيران الرعناء وتقع في مستنقعها الذي حفرته لجاراتها وتخبطها غير المسؤول وتبدأ بالعمل والسعي للسيطرة على أزماتها السياسية والاقتصادية القادمة وتتخلى عن رغبتها الجامحة في السيطرة على الشرق الأوسط وتعي أخيراً ما يعني الهدوء قبل العاصفة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store