Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

كفُّوا أذى الميكروفونات عن المؤمنين والمؤمنات

الحبر الأصفر

A A
تَربطني بمَعَالي الشّيخ «عبداللطيف آل الشيخ» -وَزير الشّؤون الإسلَاميَّة الجَديد- عَلَاقَات مَودَّة وأَوَاصِر مَحبَّة لَا تَرتَبط بالمَنصب، لأنَّ عَلَاقتي بِهِ تَوطَّدَت مُنذُ سَنوَات، فِي الفَترَة التي أَعقَبت إعفَاءه مِن مَنصبه السَّابِق، ومَازَالت هَذه العَلَاقة مُستَمرَّة، ولَا تَزيدها الأيَّام إلَّا قوَّة ومَتَانَة..!

قَبْل أَيَّام، اتصَلتُ بمَعاليهِ، لأُبَارك لَه المَنصب الجَديد، فرَحَّب بالاتّصَال، وطَلَب مِنِّي -ومِن غَيري- الدَّعم والمُسَانَدَة وإبدَاء المُلَاحَظَات، ومِن هَذا البَاب، سأَرفع لمَعاليه أُولَى المُلَاحَظَات، وهي صَغيرة إذَا حُسِمَت، وكَبيرَة إذَا تُرِكَت، والمُلَاحَظَة تَتمثّل فِي القصّة التَّالية:

يَا مَعالي الشّيخ: إنَّني أَسكُن فِي شَارع المَكرونَة بجُـدَّة، شَرق «مُجمّع الشّرق»، وأَتمنَّى أَنْ تَزورني فِي بَيتي المُتوَاضِع، لَيس لتَرَى بعَينك، بَل لتَسمع بأُذنك مَاذَا يَحدُث..!

أَعيشُ فِي مُربَّع مِن مِئَات المترَات، تُحيط بِهِ أَربَعة مَسَاجِد، كُلُّها تَتنَافس فِي رَفع صَوت الميكروفون -كَمَا هي لُغَة العَجَم- أَو مُكبِّر الصّوت -كَمَا هِي لُغة العَرَب-، أَو اللَّاقِط -كَمَا هِي لُغة الفَصحَويين-، وكُلُّ هَذه الميكروفونَات تُضَاهي قوّة صَوتها؛ قوّة صَوت مُحرِّك طَائِرَة الكونكورد النَّفَّاذَة، كَمَا أَنَّ هَذه الميكروفونَات لَا تُستَخدَم حَسَب الأَنظمَة، فالنِّظَام -كَمَا يَعلَم مَعَاليكم- يَنصُّ عَلَى استخدَام الميكروفون فَقَط للأذَان والإقَامَة، وأَهلاً وسَهلاً بِهِ؛ حِينَ يُعلمنَا بدخُول وَقت الصَّلَاة، ولَحظة إقَامتهَا، ومَا يَحدُث فِي حَيِّنا العَامِر بذِكر الله، أَنَّ الميكروفونَات تُستَخدَم فِي الصَّلوَات الجَهريَّة، فهَذا مَقبول -أَيضاً- لَو اقتَصَرَ الأَمر عَلَى ذَلك، ولَكن مَا لَيس مَقبولاً، أَنْ يَأتِي بَعضُ الوُعّاظ والمُتحمِّسين للدَّعوَة، ويَستَلموا الميكروفون لوَقتٍ طَويل، ويَقومُوا بوَعظ النَّاس عَن طَريق الحَمَاس والصُّرَاخ، وأَحيَاناً الاستشهَاد بأَحَاديث مَوضُوعَة أَو ضَعيفَة، وكُلُّ هَذا عَبر ميكروفون يَهزُّ الحَيّ هَزًّا، ومِن الغَريب أَنَّ أَغلَب سُكَّان حيّنا، مِن الجَالية الفلبينيَّة التي تدين بالمسيحيَّة، ورُبَّمَا هَذا مَا يَدفع بَعض الوُعّاظ؛ لتَركيز دَعوتهم «الميكروفونيَّة»، وقَد حَدّثتُ أَحَد الجيرَان المسيحيّين؛ حَول الدّخول فِي الإسلَام، فقَال: «تَصوّر يَا «أحمد»؛ أَنَّ ابني الصَّغير يُميِّز بَين صَوت قِرَاءة القُرآن، وصَوت خُطَب الوُعّاظ»..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: مَا أَغرَب سِيرة الميكروفون، لأنَّني قَبل أَربعين سَنَة، كُنتُ شَاهِداً عَلَى الجَدَل الدَّائِر فِي بُريدة، حَول بُطلان صَلَاة مَن يُصلِّي فِي مَسجد فِيهِ ميكروفون، باعتبَاره -فِي ذَلك الوَقت- أَدَاة شَيطَانيَّة، والآن يُتّهم بالتَّغريب والعَلمانيَّة؛ كُلّ مَن يُطَالب -وفق الأنظمَة- بتَهذيب صوت الميكروفون أَو تَرويضه..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store