قارب شهر رمضان المبارك على الانتهاء وطفت على السطح في غضون ذلك أقاويل وكتابات مبعثرة ومشتتة هنا هناك تلمح وتشير الى عدم الرضا عن حزمة ما تم عرضه على شاشات الفضائيات من دراما وكوميديا تلفزيونية انتجت خصيصاً لهذا الشهر الفضيل، فمع انطلاق موسم السباق ومارثون ما يسمى بالمسلسلات الرمضانية أظهرت نقاشات وسجالات المواقع الإلكتروتية حالات عديدة لفئات من المجتمع تعبر عن رفضها التام لما تم بثه على الشاشة الفضية وخلو تلك المسلسلات من المضامين الثرية والأطروحات القوية كان محرك وباعث هذا الرفض اضافة إلى هشاشة المحتوى الذي دوما ما يستخف بعقلية المشاهد.
ان حالات التبرم أو الاستياء التي تعم عادة وسائل التواصل الاجتماعي ليست بالضرورة هي مؤشرات صحية أو صحيحة وليست بالضرورة أيضاً أن تكون دليلا قاطعاً على عدم نجاح عمل ما وفشل آخر الا في حال تعاضدت الجهود الراغبة في إثبات ذلك النجاح أو ذاك الفشل أو وجدت أطراف أخرى محايدة لها اختصاص وعلاقة مباشرة بالعمل وبأصول النقد فاذا ما توافقت الآراء وتلاءمت معها نظريات النقاد والتقت في خندق واحد وبوتقة واحدة فالأمر هنا يختلف كليًا سيما اذا كان هذا التوافق مرفقاً ببراهين وقرائن تدل دلالة صريحة على نوع الخلل والمحظور الكامن في العمل.
وبكل حياد وتجرد تابعت آراء النقاد وتتبعت ردود الأفعال المناهضة للأعمال الرمضانية والتي لا تزال حتى كتابة هذه السطور تأخذ منحنى تصاعديا تتنامى وترتفع حدتها مع تتابع الأحداث وتطور الوقائع داخل سيناريو المسلسل فمع كل مشهد مسيء أو منظر مخل تستفحل حالة الاستياء وتنبعث معه موجة من الغضب فكل قصة تروى دون أن تمت أحداثها وفصولها للواقع بأي صلة تظل صورة نقيضة وبغيضة بالنسبة للمجتمع الذي ألصقت به جزافا،هناك الكثير من القصص للأسف الشديد سردت وقائعها من خيال الكاتب.
أدرك جيدًا بحكم علاقتي وقربي من هذا المجال بأن العمل الفني بكل أبعاده وزواياه يتطلب بعض الرتوش والزيادات المحبوكة كحاجة الطعام لبعض من البهارات التي تجعل من المنتج النهائي أطعم وألذ وأكثر رغبة وقابلية لكن بشرط أن لا تتعدى تلك البهارات والاضافات لتصل إلى حد يشوه الصورة النهائية للمنتج فتسطيح الافراد وتسفيه جماعة بعينها لن يخدم هذا العمل ابدًا بل سوف يزيد الطين بلة.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
