Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

هل رمضان في رمضان؟

وبما أن تتبُّع أحوال التقويم الهجري يخضع لتلك المتغيرات، التي تؤدي إلى ذلك الاختلاف الزمني الذي يُحدث اختلافاً في مواعيد شهر الصيام، كما يؤدي إلى الاختلاف الزمني في عدد ساعات الصيام في مختلف البلدان، كما يحدث اختلافاً في أزمنة الشهر كل عام، فإن البحث في ذلك من قِبَل الهيئات والمنظمات الإسلامية أمر مستوجب

A A
منذ زمنٍ بعيد، وأنا أتوقف وأطرح تساؤلا عن الوقت الفعلي لبداية شهر رمضان، شهر الصيام الذي أنزل فيه القرآن، والذي كرّمه الله أيضًا بليلة هي خير من ألف شهر. وكان مصدر تساؤلي عدة منطلقات أحدها يدور حول مُسمَّى الشهر نفسه (رمضان)، والذي يعني في معاجم اللغة العربية أنه يعود إلى الفعل «رمض»، ويُقصد بالرمض والرمضاء، شدة حر الأرض»، وهذا لا يحدث إلا في فصل الصيف، أو بداية فصل الخريف، وهو الفصل الذي فيه يتساوى الليل والنهار، وهذا التاريخ هو الذي يتوافق تماماً مع شهر الصيام الذي بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم الصيام فيه، والذي يتوافق حسابه ميلادياً بشهر سبتمبر، وهذا التاريخ حسب (التقويم الشمسي القمري الإسلامي) يعد أدق التواريخ لتوافقه تماماً مع أحوال الطقس كل عام، وكما نعلم أن التاريخ الهجري لم يبدأ العمل به إلا في السنة السابعة عشرة للهجرة، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وهذا التاريخ (القمري) الذي يتناقص كل عام أحد عشر يوماً، والذي كانت بعض القبائل العربية في أواخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم تتلاعب به كي تتمكن من تأجيل أو منع حلول بعض الحروب في الأشهر الحرم، (ذو القعدة وذو الحجة ومحرم، ورجب)، والذي نزلت فيه الآية الكريمة (إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِى الكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ)، لذلك نجد اختلاف المسميات مع فصول العام واضحة فيه، حيث قد يأتي شهري جمادى الأولى والثانية اللذان يتجمَّد فيهما الماء في فصل الصيف، وقد يأتي شهر رمضان الذي يتّسم بالحرارة (الرمضاء) في الشتاء، وكما نجد اختلاف زمن الصيام والإفطار بين بلدٍ وآخر، بعكس لو حدث مثلاً في نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف، الذي بدأ فيه الصيام لأول مرة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وبما أن تتبُّع أحوال التقويم الهجري يخضع لتلك المتغيرات، التي تؤدي إلى ذلك الاختلاف الزمني الذي يُحدث اختلافاً في مواعيد شهر الصيام، كما يؤدي إلى الاختلاف الزمني في عدد ساعات الصيام في مختلف البلدان، كما يحدث اختلافاً في أزمنة الشهر كل عام، فإن البحث في ذلك من قِبَل الهيئات والمنظمات الإسلامية أمر مستوجب، كون ذلك يمس ركناً من أركان ديننا الحنيف. والله من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store