Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز حسين الصويغ

صانكي يدم!!

A A
يحمل مفهوم التنمية أو النمو، وهو أحد المفاهيم الشائعة والمعروفة لدى معظم الدارسين للعلوم الاجتماعية، معنى مختلفًا من بيئةٍ إلى أخرى، ومن ثقافةٍ إلى أخرى بين الثقافات الشرقية والغربية.

** **

ويُؤكِّد أحد الباحثين الصينيين أن تنمية الإنسان في ثقافته التقليدية، كانت تقوم على التحكُّم في الرغبة، بل وأحيانًا على إخماد هذه الرغبة وقمعها في مهدها. غير أن سيادة المفاهيم الغربية والتأثير الثقافي الغربي على المجتمع الصيني أدى إلى تغيير النظرة إلى هذه المفهوم تمامًا، ومع الوقت أصبح مفهوم التنمية يتعلق بإثارة الرغبة، أو حتى بخلقها خلقًا!!

** **

وهكذا أصبحت الرغبة في اقتناء المنتج تفوق إمكانية الفرد، الحصول عليه، ليس لحاجةٍ فعلية له، بل لأن غيره يمتلكه. وتحكُّم هذه الرغبة في صاحبها تجعله مذلولًا مقهورًا إذا لم يحصل عليها. مع أن كل ما ينبغي عليه عمله هو الاستغناء عن تلك الرغبة.. وكأنها لم تنشأ أصلًا.

** **

ولتقريب هذا المعنى، هناك قصة تركية تقول: إن شخصًا اسمه «خير الدين كججي أفندي»، كان يعيش في منطقة «فاتح»، وكان عندما يمشي في السوق، وتتوق نفسه لشراء أي طعام يشتهيه، يقول في نفسه: «صانكي يدم Sanki yedim

»، أي: «كأنني أكلت»، ثم يحفظ ثمن ذلك الطعام في صندوق له. وبعد مرور سنوات عدّة استطاع «كججي أفندي» بما وفَّره من مبلغٍ، بناء مسجد صغير في قريته، أطلق عليه الناس (جامع صانكي يدم)، أي «جامع كأني أكلت».

العبرة هنا هي إحلال ثقافة الاستغناء عن ما هو غير لازم، والحث على التوفير الممكن وعدم التبذير والاقتراض وإذلال النفس؛ من أجل الحصول على رغبة يمكن الاستغناء عنها.

#نافذة:

ليس أشقى ممن يرى العيش مرًّا

ويظن اللذات فيها فضولًا

أحكم الناس في الحياة أناس

عللوها فأحسنوا التعليلا

إيليا أبوماضي

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store