Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز حسين الصويغ

تأصيل القباحة!!

A A
يشتكي أكثرنا اليوم من اختفاء الفضل بين الناس وسيادة الجحود، بل والإساءة حتى إلى من له فضل بين الناس! وتحفل مواقع التواصل الاجتماعي بصِيَغ غريبة من الردود، التي تفتقد للأدب والكياسة، حتى على قامات علمية وأدبية لها مكانتها في المجتمع، تجعلنا نأسف للتردي الخلقي الذي وصل إليه بعض الناس، وغياب التربية الصالحة التي تربى عليها مجتمعنا.

** **

وتحمل لنا قصص التاريخ الإسلامي العديد من الذخائر التي كانت عرفًا سائدًا آنذاك يُعرف به قيمة الرجال.. ويُحكم به على أخلاق العامة.. فهناك قصة يحيى بن زياد الفراء الكوفي، إمام الكوفيين في النحو، مع ولدَي الخليفة العباسي المأمون، الذي أوكل إليه أن يُلقِّن ابنَيه النحو. ففي يوم أراد الفراء أن ينهض إلى بعض شأنه، فابتدرا إلى نعله يقدمانها له، فتنازعا أيهما يفعل، ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فردة، فقدماها.

** **

وصل الخبر إلى المأمون، فاستدعى الفراء وسأله عن القصة، قال: يا أمير المؤمنين، لقد أردتُ منعهما من ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مَكْرُمَةٍ سبقا إليها، وأكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها.

فقال المأمون: لو منعتَهما عن ذلك لأوجعتُك لومًا وعتبًا، وألزمتُك ذنبًا.. وما وضع ما فعلاه من شرفهما، بل رفع من قدرهما، وبيّن عن جوهرهما.. فليس يكبر الرجل - وإن كان كبيرًا- عن ثلاث: عن تواضعه لسلطانه، ووالده، ومعلمه العلم.

** **

المؤسف اليوم هو افتقاد القدوة الصالحة التي تربَّت عليها أجيالنا الماضية، والأكثر أسفًا أن يكون بعض مَن يفترض أن يكونوا قدوة، هم أنفسهم أمثلة حية للإساءة.

#نافذة:

«فى عصور ما قبل الحضارة، كان البقاء للأقوى، اليوم صار البقاء- بكل أسف- للأعنف، والأكثر سفالة، والأشد بذاءة»!.

السيد أحمد لطفى، كبير معلمى فيزياء الطيران (مصر)

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store