قُلتُ لَكُم أَكثَر مِن مَرَّة، إنَّ هُنَاك رَسَائِل كَثيرة تَأتيني؛ حَامِلَةً مَطَالِب مُتنوِّعة، البَعضُ مِنهَا قَد أَجده لَا يَستَحق النَّشر، فأَتجَاهله، والبَعض مِنهَا أَجده إنسَانيًّا، فيَتقدَّم إلَى الصّفُوف الأُولَى فِي النَّشر، ومِن هَذه الرَّسَائِل التي تَتقدَّم الصفوف الأولى، هَذه الرِّسَالَة التي وَصلَتني مِن أ. فوزية أخضر، الخَبيرَة والمُتخصِّصة بلُغة الصُّم، تَقول فِيهَا:
(أَنَا أُم لشَابٍ أَصَم مُنذ ولَادته، وقَد تَم ابتعَاثي مِن قِبَل الدَّولة فِي مَجَال إعَاقته، وتَولَّيتُ مَسؤوليّة هَذه الفِئَة بوزَارة التَّعليم؛ لمُدّة 38 عَامًا، وابني قَد تَم تَوظيفه –ولله الحَمد- بَعد أَنْ تَخرَّج في الجَامِعَة، بمَعنَى أَنَّني عِندَما أَتحدَّث عَن الصُّم، فأَنَا لَستُ بدَخيلةٍ عَليهم، بحُكم التَّخصُّص والمَسؤوليَّة السَّابِقَة، كَمَا أَنَّني صَاحبة قَضيَّة خَاصَّة..!
أَخي الكَريم: لقَد وَاجَه تَعليم الصُّم فِي مُجتمعنَا، عَددًا مِن العَوائِق والصّعوبَات، بسَبَب اختلَاف وجهَات النَّظر، بَين المُتخصِّصين والمُترجِمِين، حَول طُرق التَّواصُل مَعهم، وطُرق تَعليمهم، وقَد أثَّرَت هَذه الاختلَافَات سَلبًا عَليهم.. والصُّم فِئَات مُختَلفَة، فمِنهم الصُّم، ومِنهم ضعَاف السَّمع، ومِنهم زَارعو القَوقَعَة، وحَتَّى فِئة الصُّم أَنفسهم يَختَلفُون، فمِنهم الصُّم القَارِئُون، ومِنهم الأميُّون، ومَع احترَامي لجَميع الآرَاء والاختلَافَات، أَقول: إنَّ جَميع طُرق تَعليمهم، هي مُجرَّد وَسَائِل، ولَيسَت غَايَات، فالغَاية الأَسَاسيَّة والمُهمّة؛ هي مَحو أُميّة تِلك الفِئَة؛ الغَاليَة عَلَى قلُوبنَا، وتَمكينهم مِن إتقَان مَهَارة القِرَاءَة والكِتَابَة، والمَطلب الأَسَاسي لذَوي الإعَاقَة السَّمعيَّة، هو كِتَابة شريط باللُّغَة العَربيَّة؛ عَلَى جَميع شَاشَات القَنوَات التّلفزيونيَّة لجَميع البَرَامِج، مُترجِمًا للكَلَام الذي يُقَال، وحَتَّى مَع وجُود مُترجِم للإشَارَة).. انتهت!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: هَذه رِسَالة أ. فوزية، أَرفعهَا- مَع الشُّكر- للمَسؤولِين وجِهَات الاختصَاص، لَعلَّهم يَتفَاعَلون مَعهَا، فقَد عَهدنَا تَفَاعلهم الإيجَابي، والتَّجَاوب المُثمِر؛ مَع مِثل هَذه الرَّسَائِل الإنسَانيَّة..!!
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
