Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

فن التواصل بين المشغول والمتشاغل

الحبر الأصفر

A A
مِن الوَاضِح؛ أَنَّ بَعضنَا يَحتَاج إلَى تَنمية مَهَارَات التَّواصُل مَع النَّاس، وطَريقة ووَقت وزمَان الرَّد عَليهم، مِن خِلَال وَسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي.. وحَتَّى يَتَّضح المَقَال، دَعونَا نَستَشهد ببَعض الحَالَات:

تُرسِل لأحدِهم رِسَالَة تَدعوه فِيهَا إلَى وَليمَة، أَو إلَى مُنَاسبَة مِن المُنَاسبَات العَامَّة، فيَقرأ الرِّسَالَة، وتَظهر لَديك العَلَامَات؛ التي تَدلُّ عَلَى أَنَّه قَرأَهَا، ومَع ذَلك لَا يَردُّ ولَا يَعتَذر، ولَا يُبرِّر ولَا يُفسِّر هَذا الصَّمت، الذي يَأتيك مِنه.. ثُمَّ تُرسل لَه مَرَّةً أُخرَى، ويُكرِّر نَفس التَّجَاهُل، وإذَا قَابلتَه صُدفَة، أَو اتّصلتَ بِهِ هَاتفيًّا، أَخَذَ مِن الوَقت سَاعَة كَامِلَة، وهو يُبرِّر ويَعتذر عَن عَدم الرَّد، مَع أَنَّه لَو رَدّ فِي حِينهَا بكَلمةٍ وَاحِدَة، لارتَاح مِن إضَاعة سَاعَة كَامِلَة مِن عُمرك وعُمره؛ فِي التَّبرير والاعتِذَار..!

أَكثَر مِن ذَلك، تُرسل لأَحدِهم مَرَّة ومَرَّتين ولَا يَردُّ، فتَقول بَينك وبَين نَفسك: «لَعلَّه مَشغُول»، وتَنتَظر سَاعتين وثَلاثًا، بَل و24 سَاعَة، ثُمَّ إذَا اتّصلتَ بِهِ بَعدهَا وسَألتَه: «لِمَاذَا لَم تَردّ»؟ سيَقول: «كُنتُ مَشغولًا»، وإذَا سَألتَه: «لِمَاذَا لَم تَردّ عَلَى رِسَالتي؛ برِسَالةٍ مُمَاثِلَة»؟، سيُكرِّر نَفس الرَّد: «كُنتُ مَشغولًا».. بالله عَليكُم، هَل تَتصوَّرُون أَنَّ أَي إنسَان -مَهمَا كَان مَنصبه- يَكون مَشغولًا طُوَال الوَقت، لدَرجة أَنَّه لَا يَجد فِيهَا ثَواني يَكتب فِيهَا رَدًّا؛ عَلَى رِسَالة الدَّعوَة، خَاصَّة أَنَّ الرَّد لَا يَتجَاوز عِبَارَتين: إمَّا «أَتشرَّف بالحضُور»، أَو «أَعتَذر عَن الحضُور»؛ للسَّفَر خَارِج أَو دَاخِل المَملكَة مَثلًا..!

إنَّني أَتوَاصَل مَع وُزرَاء ومَسؤولين ورِجَال أَعمَال، وأَجدهم أَسرَع النَّاس رَدًّا رَغم انشغَالَاتهم ومَشَاغلهم، وفِي المُقَابِل، أَتوَاصَل مَع بَعض النَّاس العَاديّين، ولَا يَردُّون إلَّا بشَقِّ الأَنفُس، رَغم ادّعائهم الرُّقي و»الإيتكيت»، والحصُول عَلَى شَهَادَات؛ مِن دَورات «فَنّ التَّواصُل».

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: لقَد تَأكَّدتُ - بَعد طُول التَّجَارب-، أَنَّ الإنسَان المَشغُول والعَملي؛ ومَن يُقدِّر الدَّقَائِق والثَّوَاني، هو الذي يَردُّ ويَتفَاعل بسُرعَة، لأنَّه يَعرف قِيمة الزَّمن وثَمَن الوَقت، أَمَّا الإنسَان العَاطِل، فهو لَا يَحرص عَلَى الرَّد، حَتَّى يُوهم النَّاس بأنَّه مَشغول جِدًّا، أَو عَلَى الأَقَل، يُحاول أَنْ يَترُك انطبَاعًا لَدَى الآخَرين، بأنَّ وَقته مِن الأَهميَّة، بحَيثُ لَا يَجد دَقَائِق للرَّد عَلَى رَسَائِل الآخَرين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store