Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

نزع ألغام الشبهات والإلحاد

A A
* في حِوار فكري وَاتسَبّي مع أحد الشباب، الذين بدأ الشّك في الثّوابت والمُسَلّمَات الدينية يتسلل إلى قلبه وعقله، جاء سؤاله: أين حريتي في الاختيار لحياتي ومَصيري؟، وكيف أعاقبُ إذا كان الله قد كتب على الإنسان وهو في بَطن أمِّه كل شيء، (أجله ورزقه، وشقيٌ هو أم سعيد)؟!

* وهنا بحثتُ له عن إجابة تكون واضحة وبأسلوب بسيط معاصر، فوجدتها عند (الأستاذ الدكتور محمد إمام داود رئيس تحرير موسوعة وموقع بيان الإسلام في الرد على الافتراءات والشبهات)؛ حيث أجاب على ذلك السؤال الذي يُردده بعض الشّاكين أو الملحدين:لقد صرَّحتْ آياتُ القرآن الكريم بأن الإنسان مُخَيَّر، قال الله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، وقوله عز وجل: (لَا إِكْرَاهَ في الدِّينِ)، وأما بشأن كتابة الله تعالى على العبد؛ فهي كتابة عِلْمٍ مُسبَقٍ من الإله تبارك وتعالى، بطلاقة علمه وإحاطته بما يحدث في المستقبل، وليست كتابة جَبْر وإلزام.

* فهناك أمور لم يصدر فيها أمر، أي: (افعل) أو (لا تفعل)، فهي سنن وقوانين إلهية كالجاذبيّة، فالإنسان مثلا إذا ما أُلقيَ به من بُرجٍ عالٍ سيسقط لا محالة، فلن يتوقف سقوطه عند أحد الأدوار إذا ما قالَ: لن أسقط، أيضاً هناك خاصية النمو، فالإنسان الطبيعي سينمو حتى لو أراد غير ذلك؛ فهذه الأمور ليس فيها أمر ولا نهى، وليس للبشر فيها اختيار!

* ويضيف الدكتور محمد داود: فمنطقة الاختيار فيما فيه تكليف بأمر أو نهي؛ وهي منطقة كتبها الله على الإنسان كتابة عِلْم؛ لإحاطته بها، وليست من قبيل الجبر أو الإلزام؛ وهناك مِثَال -ولله المثَل الأعلى- كان يضربه (الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله) في هذه المسألة، وهو مجيءُ نتيجة اختبار الطلاب كما توقعها مُدرسهم قبل الاختبار؛ فهل أجبرهم على النجاح أو الرسوب؛ بل الأمرُ بيدهم، وهو فقط توقَّع بخبرته ومعرفته بهم بما سيكون منهم؛ فإذا كان بمقدور البشر توقُّع المستقبل الذى ليس منَّا ببعيد، فما بالنا بالخالق العليم بكل شيء: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).

* أخيرا الانفتاح على العالم وامتزاج الثقافات وتصارع التيارات الفكرية أدخل طائفة من شباب المسلمين دائرة الشك والمحظور، الذي جعل بعضهم يرفع راية الإلحاد، ولذا أتمنى على الهيئات الإسلامية وعلمائها تكريس حضورهم باستمرار لنزع ألغام الشبهات، ومخاطبة أولئك واحتوائهم بلغة هادئة وبسيطة، تستخدم أدوات العصر، وتصل لهم أنّى كانوا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store