Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

موسفيني وحديث الهوية ومرور الكرام!

إضاءة

A A
تمنيت لو التقيت الرئيس الأوغندي يوري موسفيني لأسأله عن الهوية الجديدة التي يراها أو يريدها لمصر والمصريين!

لقد مر تصريح الرجل وهو في القاهرة والذي كرر فيه مطالبته للمصريين بتغيير هويتهم مرور الكرام! وزاد من إلحاحه أو إصراره على الموضوع نطق المصطلح بالعربية مرددًا «إنها الهوية»!

أتذكر هنا كذلك بمناسبة حديث موسفيني عن الهوية أنني التقيته في أديس أبابا على هامش قمة إفريقية مصغرة وطلبت منه إجراء حوار موسع فأشاح بوجهه متمتمًا بكلمات تمس مصر في شخص رئيسها آنذاك محمد حسني مبارك!

وأعود لتصريحه عن الهوية الجديدة التي يريدها للمصريين وأسأل: هل هي الهوية بمفهومها العام والشامل بمعنى الماهية؟ الشعب والأرض.. مثلا؟! هل هي الهوية السياسية أو الثقافية.. أم ماذا على وجه التحديد؟!

نحن في مصر عرب، مسلمون، وأقباط منضمون لجامعة الدول العربية فهل نغيرها؟ ومنضمون لمنظمة التعاون الإسلامي فهل نخرج منها؟

نحن في مصر شعب واحد من نسيج واحد بل من عرق واحد.. فماذا نعمل؟!

الشعب المصري هو المصري والأرض المصرية هي الأرض المصرية ومكونات الهوية تعني الخصوصية والتميز فماذا نصنع؟!

لغتنا هي العربية ونتمسك بها مسلمون وأقباط وموقعنا الجغرافي كما أراده الله لنا هو من أجمل مواقع الدنيا.. خصوصيتنا العروبة فكيف نستبدلها وميزتنا الإسلام بل والمسيحية أيضًا فكيف نخرج منهما؟

ونحن في مصر بحري وقبلي وشرقي وغربي ننتمي لعائلة أو قبيلة أو أصل واحد فماذا نفعل؟

هل هي القطيعة مع أصلنا أو مع تراثنا مثلا؟ لا نستطيع! هل هو تغيير وجوهنا وجلودنا.. لا نستطيع.. فدلنا على الحل فخامة الرئيس أو دعنا وشأننا الذي أراده الله لنا!

ولماذا نذهب بعيدًا... أنظر حولك فخامة الرئيس ستجد الصوماليين يتمسكون بهويتهم التي هي أصلهم رغم اختلاف وتعدد قبائلهم.. أبقال.. أوجادين.. مريحان.. وارسا.. دارود.. اسحق.. عيسى.. هوية.. لكنهم يفاخرون بهويتهم وأصلهم الصومالي.

والحال نفسه في أثيوبيا الأمهرة والأرومو والتيجراي.. وفي ارتيريا بمسلميها ومسيحييها.. بمنخفضاتها ومرتفعاتها.

وفي السودان تتعدد الأعراق والقبائل والمسميات لكنه السودان العربي الإسلامي الإفريقي بعربه وأفارقته.. بمسلميه وأقباطه..

إن الهوية فخامة الرئيس هي مفهوم الفرد وتعبيره عن علاقته مع الجماعة.. هذه هي الهوية الوطنية كما نفهم.. ثم إن الهوية الثقافية هي مجمل السمات التي تميز شيئًا عن غيره أو مجموعة عن غيرها فإلى أين نذهب؟ وما هو تصورك للهوية المصرية وبالجملة للهوية العربية الإسلامية؟

أتذكر هنا أن الرئيس موسفيني كان يتحدث عن الهوية بمناسبة المصلحة أو العكس.. فهل كان يقصد أن المصلحة الوقتية تعني تغيير الهوية ولو مؤقتًا؟!

وهل يعني ذلك أن نغير الهوية هذا الشهر بحيث نوقع اتفاقية مع أوروبا ونغيرها في الشهر الذي يليه حتى نوقع اتفاقية أخرى مع الصين وهكذا طوال أشهر السنة؟

أم كان مقصد الرئيس موسفيني أن ننسى لفترة أننا عرب.. ولفترة أخرى أننا مسلمون.. وهكذا «نسلك الأمور».

أعلم أن بيننا كعرب ومسلمين من يحلم بأن يأتي الصباح فلا نجد حرفًا عربيًّا.. وأعلم أن بيننا من يروج الآن للتخلي عن سمتنا الإسلامية؛ ومع التسليم بأن لكل إنسان منا عالم وحده.. فالذي لا ريب فيه كما علمتني أستاذتي بنت الشاطئ هو أن تفرد شخصية الإنسان لا ينبغي أن يطمس ملامح شخصية عامة ترده إلى قومه وأمته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store