Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز حسين الصويغ

الصمت؟!

A A
أحيانًا يكون ما لا تقوله أكثر صدقًا من كلام تقوله جبرًا لخاطر هذا، أو خشية من غضب هذا، أو للتقرب من هذا.. فالصمت أصدق من الكلام لأنك احتجزت مشاعرك الحقيقية داخل صدرك دون البوح بعكسها، أو تخفيف صدقها ببعض من الكلام المعسول.. لذا ليس غريباً أن تشبه أمثالنا الشعبية القديمة الصمت بالذهب.

****

وإذا كانت الحكمة نعمة وخير لصاحبها حيث يقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾ - (البقرة: 269)، فإن أول علامة من علامات الحكمة الصمت، والكلام على قدر الحاجة.

****

لكن هناك من يرى في الصمت خيانة، وفي «البعبعة» الطريق القويم.. وأن الصمت الوحيد المسموح به هو الصمت عن الألم، وإذا كان لابد أن تتألم.. فلتتألم وحدك.. وبدون صوت.. وستجد أحيانًا لصمتك أكثر من مسار:

- هناك من قد يمنعك عن التعبير عن الألم، لكنه للحقيقة والتاريخ، لا يمنعك أن تتألم بصمت، دون صوت أو ضجة حتى لا تُزعج من حولك من السعداء.. ولا مانع هنا من «آه» خفيفة، لكن تأكد أنه لن يسمعها أحدُ غيرك.

- وهناك من يستمتع بضربك ويتلذذ بسماع آهاتك، وكأنه يستمع إلى أغنية شجية لأم كلثوم فيهتز طرباً مع كل ضربة تنزل على جسدك، وكل آهة تصدر من حنجرتك.

- وهناك من لا يريد أن يوقع بك الأذى أو الألم لكنه يعتبر صراخك وآلامك نوعًا من حرية التعبير بصوت عال.. فهو لفرط إيمانه بالحريات الأساسية للإنسان يترك لك حرية خروج الآهة وتنغيمها وفق السلم الموسيقي للألم.. طالما تركته يستمتع بالآهات!!

#نافذة:

«رجل البوليس يقيدني

والناس تصيح:

هذا المجنون

حطم تمثال أبي الهول

لم أنطق شيئًا بالمرة

ماذا.. سأقول؟

ماذا سأقول؟»

فاروق جويدة

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store