Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

أجهزة تختطف الأطفال!

A A
من النعم العظيمة التي وهبها الخالق عز وجل لكثير من الناس نعمة الذرية والأبناء، غير أن بعض الآباء لم يُقدِّر هذه النعمة حق قدرها، فأغفلوا الاهتمام بهم ورعايتهم ومتابعتهم، وتركوا ذلك إما للمربيات والشغالات من جهة، أو للقنوات الفضائية والأجهزة الإلكترونية وما تحتويه من برامجٍ وألعاب ومقاطع ومشاهد مختلفة تتعارض في كثير منها مع القِيَم الدينية والعادات والتقاليد، ومع ذلك نجد الأبناء يقضون مع تلك الأجهزة الساعات الطويلة دون أي ممانعة من الأبوين، بل إن بعض الآباء ونظرا لانشغاله ولظروف عمله وحرصا على البعد عن إزعاج الأطفال، فقد يسرّه هذا الأمر لعدم حاجته لبذل جهد في متابعة أبنائه.

في استطلاع للرأي قام به المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام التابع لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني حول استخدام الأطفال السعوديين للأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية ومكوث الأطفال، أظهرت نتيجة الاستطلاع أن نسبة الأطفال الذين يستخدمون الأجهزة حتى سن 15 عاماً بمتوسط أربع ساعات يوميا بلغت 91%، وهذه النسبة تُنبئ بمستقبل خطير للجيل القادم، إذ إن انشغال الأطفال في مثل هذا العمر التأسيسي، والذي يتشكَّل فيها فِكره وعقله ونفسيته ولغته، ولهذه الفترة الطويلة من الوقت، سيكون له العديد من المضار في العديد من الجوانب الأسرية والصحية والاجتماعية، إذ إنها تساهم في عزلة الطفل وإجهاد عينه وحدوث آلام في فقرات الرقبة، كما أن ما تبثه تلك الأجهزة من موجات كهرومغناطيسية أكدت بعض الأبحاث بأن لها أثرا على الأطفال، كما أوضحت دراسات أخرى بأن إصابة الأطفال في السابعة من العمر بمشكلات في الانتباه والتركيز تزداد بزيادة أوقات مشاهدتهم للتلفزيون من عمر سنة إلى 3 سنوات، وأوضح باحثون أن كل ساعة يومياً يقضيها الطفل قبل عمر 6 سنوات في مشاهدة التلفزيون تزيد خطر إصابته بمشكلات في الانتباه بنسبة 10%، وتؤدي للعزلة الاجتماعية بنسبة 37%، إضافة إلى ما تحتويه بعض تلك الألعاب من مشاهد عنف وقتل ودماء يكون لها علاقة وثيقة لتصنع طفلا عنيفا أو مجرما -لا سمح الله.

الحل في العودة لإقامة علاقة فعالة بين الآباء والأبناء تقوم على تنظيم وترتيب الوقت في التعامل مع هذه الأجهزة، وليس على منعها، فبدلا من البقاء أربع ساعات يوميا يمكن أن تختصر لساعة واحدة فقط، وبدلا من ترك البرامج مفتوحة لهم يتم حصرها في برامج مفيدة تلائم أعمارهم، إضافة إلى القيام ببرامج وأنشطة وفعاليات أخرى، كممارسة بعض ألعاب الحركة والقراءة ومشاهدة بعض الأفلام الترفيهية المناسبة لأعمارهم.

كل يوم نجد من الدراسات والأبحاث ما يُؤكِّد خطورة ترك الأطفال وحدهم مع هذه الأجهزة، وما تُسبّبه من أضرارٍ مباشرة، فلابد من وقفة جادة من الآباء لحماية أطفالهم وعدم إهمالهم وتجاهلهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store