Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

هلمّ إلينا أيّها الياباني!!

A A
محطّة مياه يابانية «حكومية» عاقبت أحد موظّفيها بسبب مغادرته موقع عمله لاستراحة الغداء قبل موعدها بـ٣ دقائق!.

وبعد أن خصمت من راتبه، ظهر رئيسها أمام الإعلام راكعًا وذليلًا، وكأنّه من قبيلة قاتل تلتمس عفو ذوي مقتول وعدم مطالبتهم بفدية قيمتها عشرات الملايين، وشاهرًا اعتذاره عمّا بدر من موظّفه الذي برّر فعلته الشنيعة بأنّه كان يتفادى الازدحام الذي يحدث بسبب مغادرة الموظّفين الجوعى معًا في نفس الموعد!

وهو تبرير أقبح من ذنب، ويجعلني أفتخر بأداء كثيرٍ من موظّفينا الحكوميين الذين لا يغادرون مواقع عملهم قبل الموعد المُحدّد لهم، لا بـ٣ دقائق ولا حتّى بـ٣ ثوان، فالدقيقة عندهم ثمينة، وثوانيها الستّون وأجزاؤها يستغلّونها كلّها بلا تطفيف!.

ومغادرتهم لمواقع عملهم لا تكاد تُذكر من قلّتها، فهم يغادرونها بعد الوصول إليها في الصباح، وبعد التبصيم بالعين لإلقاء السلام على زملائهم الآخرين في المواقع الأخرى وشُرْب الشاي والقهوة، ومناقشة أحداث كرة القدم وموعد صرف الرواتب، ثمّ يغادرونها مرّة ثانية لإحدى الغرف الجانبية في مقرّات عملهم لتناول الفطور المُكوّن من الفول والقلابة والطعمية والكبدة والحمّص والشكشوكة بالطماطم والبصل، ثمّ يغادرونها مرّة ثالثة لتأدية صلاة الضُحى في المُصلّيات التابعة لجهاتهم، وطبعًا ١٢ ركعة كسبًا للأجر، ثمّ يغادرونها مرّة رابعة لجلب أولادهم وبناتهم من المدارس والجامعات، ثمّ يغادرونها مرّة خامسة لأداء صلاة الظهر جماعة، ولا ينسون بالطبع سُنّة الظهر الراتبة وهي ٤ ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها، مع قراءة ما تيسّر من القرآن الكريم، ثمّ يغادرونها مرّة سادسة لمشاويرهم الأخرى العاجلة والمهمّة مثل مراجعة الأحوال المدنية، والجوازات، والبنوك، ووكالات الطيران، ومشاهدة المباريات التي يصادف موعدها وقت الدوام، وإصلاح الجوّال، ثمّ يغادرونها مرّة سابعة لبيوتهم بعد جهدهم المبذول، وعرقهم المقطور، وإنجازهم المشهود، وبعد التبصيم في الموعد المُحدّد، وهكذا كلّ يوم!.

فما له حقّ ذاك الموظّف الياباني، ماذا دهاه؟ لقد سوّد الوجه، ولو كنت رئيسُه لابتعثته عندنا ليتعلّم أصول تقديس الدوام، وفنون الاستفادة من وقته، ولما احتاج رئيسُه للركوع والاعتذار والتذلّل للإعلام، لكنّهم اليابانيين.. المُتخلّفين عن ركب الانضباط الإداري، فصاروا مُنفلِتين، ولا أدري كيف هم لأنفسهم طائقين؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store