Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نادي أبها الأدبي ولعنة الشيخ ابن حميد

No Image

دلفت إلى مكتبه، وأنا غر لا أعلم من أمر الثقافة ومشكلاتها شيئًا، فاستقبلني بعبارته المشهورة (أهلاً بالحبيب)، حاولت أن أعرّفه بنفسي، فلم ينتظر حتى أخبرني أنه يعرفني من خلال نتف من مقالات لا تُذكر، كنت أ

A A
دلفت إلى مكتبه، وأنا غر لا أعلم من أمر الثقافة ومشكلاتها شيئًا، فاستقبلني بعبارته المشهورة (أهلاً بالحبيب)، حاولت أن أعرّفه بنفسي، فلم ينتظر حتى أخبرني أنه يعرفني من خلال نتف من مقالات لا تُذكر، كنت أكتبها وأنا طالب في الجامعة! وبادر الشيخ بكتابة اسمي في سجل منبر النادي، ومن ذلك الحين وأنا مرتبط بنادي أبها لا أكاد انفصل عنه، وأرى نفسي جزءًا من تكوينه..
مرت الأيام، وشاءت عجلة الحياة الثقافية أن تخرج ابن حميد مرغمًا على الرغم من كل ما بذله في خدمة النادي الذي لم يكن يراه إلاّ كواحد من أبنائه الذين ينتمي إليهم ويتصلون به؛ أسس للنادي، وبذل له وقته وروحه وعمره وماله حتى أصبح نادي أبها شيئًا له قيمته كجزء مهم من بناء المكان.
وكعادة الصحافة الثقافية التي لا يرضيها شيء بقيت تطارد شيوخ الثقافة لدينا لكي نجعلهم جزءًا من أرشيف الماضي بدل أن نجعل لهم تمثالاً وحضورًا ذهنيًّا كتمثال البردوني في اتحاد أدباء اليمن، لم نفعل ذلك فخرج الشيخ مهملاً إلاّ من تكريم كان يحمل حزنًا دفينًا لم يستطع أن يبوح به!
وجاءت دورة التجديد بالتعيين لعشرة، ولك أن تتخيل عشرة يديرون عملاً ثقافيًّا، وتم الانتخاب لأمة لا تفقه معنى الانتخاب أصلاً حتى على مستوى عشرة، ووصل لرئاسة النادي محمد زايد وهو مثقف لا خلاف، لكنه لا يملك -من وجهة نظري- رؤية إدارية يمكن أن تتجه بالنادي الوجهة التي يحلم بها المثقف؛ دبت الصراعات داخل أروقة المجلس، وبدأ سيل البيانات ونشر الغسيل الذي لم ينظف بعد، وعلم القاصي والداني أن النادي قد أصابته لعنة الشيخ، ولم ينته الأمر حتى أقصي محمد زايد بعد عمر قليل لتعلق صورته بجانب صورة ابن حميد في النادي. وخرج من النادي مَن خرج، ودخل في النادي مَن دخل، وتم تنصيب أنور خليل رئيسًا، وكنت مع هذا المجلس، وصل أنور للرئاسة باتفاق مبرم من بعض العشرة لم أكن أعلمه شخصيًّا، فأنا لم أعرف أنور -وهو رجل صادق كما عرفته بعد- إلاّ بعد المجلس وقناعتي أن الصوت أمانة تجعلني لا أمنح صوتي إلاّ لمن أعرفه جيدًا، وأصبح أنور رئيسًا، وفي أول اجتماع بدأ يلوح ما لا أعلمه يقينًا، ويبدو أن إحن الماضي ورائحة البيانات السابقة بدأت تطل، فخرج أحمد التيهاني بعد اجتماعات قليلة، وبدأ يكيل للنادي وأهله من خلال المنتديات والصحافة والجلسات الخاصة والقنوات التلفازية، وبسبب اثنين لا يحبهما التيهاني في المجلس جعل من المجلس والنادي أحدوثة، وجعل منه وهو الذي كان أحد أعضائه بعد خروجه معوقًا للعمل الثقافي، وراهن على فشل المجلس لكن المجلس مضى بالصالحين من أعضائه، وفي كل اجتماع تقريبًا كنا نغلق الأبواب حتى لا يخرج صوتنا للشارع، وكثيرًا ما كنا نفقد في المجلس واحدًا أو أكثر يخرج مغاضبًا.
قدم النادي ما يمكن، وبطبيعة الحال هناك أناس لم يرضهم شيء من المجلس وخارجه، وجاهدوا لإسقاطه قبل نهاية فترته، لكنه تماسك حتى جاءت الانتخابات التي بنيت على إحن الماضي، وعلى تحديات الوصول؛ لا لهم المؤسسة والعمل الثقافي، بل لإثبات الوصول وإقصاء فلان وتقريب فلان؛ فرأينا نغمة التشفي بالوصول هي النغمة الأكثر حضورًا، وكانت العيون على الكعكة التي تزينت بالملايين للناظرين هي هم البعض، وكانت التساؤلات الحائرة عن اقتحام أسماء لا قيمة ثقافية لها هي صدمة المثقفين، وغاب الهم الثقافي الحقيقي، فهل سابق لعنة الشيخ لازالت تطارد هذا النادي؟!
خروج:
نادي أبها الأدبي سيسير بقليل من الثقافة، وبكثير من الإدارة والصدق، ويبدو أن خيار محمد زايد بالابتعاد عن الانتخابات كان القرار الصواب؛ لأن تلك الضبابية واجترار الإحن يجعل الخروج لفضاءات الحرية الثقافية خيرًا من الاختناق بدخان المؤسسة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store