Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عبدالجبار اليحيا: لساني الطويل جعلني شخصًا غير مرغوب فيه

عبدالجبار اليحيا: لساني الطويل جعلني شخصًا غير مرغوب فيه

اتهم الفنان التشكيلي الرائد عبدالجبار اليحيا النقد التشكيليين بما فيهم حملة الدكتوراة بـ»فقدان الحس الفني» مشيرًا إلى أن من درس منهم خارج المملكة توجه نحو تاريخ الفن الأوروبي في العصور الوسطى والعص

A A

اتهم الفنان التشكيلي الرائد عبدالجبار اليحيا النقد التشكيليين بما فيهم حملة الدكتوراة بـ»فقدان الحس الفني» مشيرًا إلى أن من درس منهم خارج المملكة توجه نحو تاريخ الفن الأوروبي في العصور الوسطى والعصور القديم والعصور الحديثة وتعقب المشاهير، بما أوجد قصورًا لديهم في الرؤية انتهت إلى قصور في النقد التشكيلي، قارنًا ذلك بفقدان الساحة لأكاديمية للفنون التشكيلية معتبرًا أن وجودها من الأسس الحقيقة لتخريج مستوى فكري معين وفلسفي وتاريخي وفكري ودراسة الفنون الإسلامية بمنهج واضح ومدروس، كذلك شن اليحيا هجومًا على جمعية التشكيليين السعودية معتبرًا أنها غير موجودة أصلاً، مطالبًا بضرورة أن يتبنى أي جسم يمثل التشكيليين هموم التشكليين العامة والخاصة، واعتبر اليحيا أنهم شخص غير مرغوب فيه نسبة لطول لسانه -على حد تعبير-، مشيرًا إلى أن «طول لسانه» إنما يكون في الجهر بالحق بكل صراحة ووضوح.. مشيرة اليحيا بكل محطاته ما بين الزبير وأمريكا وجدة، وأسباب توقفه عن الرسم، وقلة مشاركاتها الفنية، وقراءته للمشاركات السعودية في المحافل الخارجية، والصراع حول الريادة بينه وبين الرضوي وآخرين، وغيرها من المحاور الأخرى في سياق هذا الحوار..

مسيرة طويلة خاضها
خطوات البداية
* كيف تقرأ المحطات العديدة التي مررت بها في مسيرتك الحافلة؟
ولدت في العام 1931م، وتعلقت نفسي بالفن منذ وقت مبكر بمدينتي الزبير وذلك قبل أن أنخرط في سلك التعليم بالمرحلة الابتدائية، وأذكر أن أخي عبدالرحمن الذي يكبرني كان طالبًا في القسم العلمي بالمرحلة الثانوية، فكنت أطالع كتبه وبخاصة الرسومات في كتب علم الحيوان ومنها هيكل عظمي للأرنب والضفدع والفقريات هذه الحيوانات، فكنت أرسم هذه الحيوانات بصورة تبدو متطابقة لما عليه في تلك الكتب، كان ذلك قبل أن ألتحق بالمدرسة، كما كنت أرسم على الجدران بالفحم والألوان، وبعد أن أنهيت المرحلة الابتدائية لم أواصل لإكمال الكفاءة، بسبب اضرابات سياسية حدثت في العراق آنذاك، فرحلت إلى البحرين وعملت مدة هناك لمدة سنتين، وبلغ عمري (14) عامًا، وفي تلك الفترة بدأت شركة أرامكو عملها في منطقة الظهران، وكان بها جمعة من منطقتي الزبير، والتحقت بالعمل هناك، ومنها أرسلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1952م، لمدة سنة ونصف، وهناك في أمريكا واصلت الرسم ولكني لم أعرض لوحاتي على أحد، حتى سنحت لي الفرصة للمشاركة في معرض جماعي في حديقة اسمها «فورست بارك» بمدينة سانت لويس، وما يميز هذه المدينة أن بها بجانب حديقة الحيوان متحفًا ولا أدري أن بأي متحف به قاعة للفنون التشكيلية، وقد عرضت لوحاتي على إدارة ذلك المعرض فأخذوها عندهم للعرض لكن للأسف عندما عدت بعد أسبوع لم أجدها معروضة فأخذتها وهي لوحة صغيرة، وتوجهت إلى منطقة ألعاب عامة وهناك اندمجت في الألعاب فلما افتقدتها لم أجدها، ورغم ذلك ما زالت أعتبر أن تلك كانت أول مشاركة لي، وأذكر أنها كانت في شهر مايو عام 1952م.

مشاركات مبكرة
* لكن هناك من يعتبر مشاركتك في الظهران هي الأولى بالنسبة لك في مسيرتك؟
الذي كان في الظهران ليس معرضًا، فقد كان في القاعدة الجوية الأمريكية في مركز اسمه (هوفي شوب) فيه كل الهويات اليدوية ومن ضمنها الرسم وأعمال الجلد والطين للتماثيل وغيرها، فكنت أمارس أعمال الطين والرسم بها عصر كل يوم بعد الدراسة وفهي كانت أقرب شيء للورشة منها إلى المعرض، وأذكر أني عندما عدت من أمريكا في العام 1953م قصدت مدينة جدة، وكانت وقت ذلك غير مهتم بالجانب الفني والثقافي، وكانت بها مدرسة الفلاح فقط، فكنت ارسم المناظر الجميلة في جدة أولاً في جريدة البلاد عام عام 1953م، ثم في جريدة المدينة عام 1965م.
* هل أشرفت على صفحات الفن التشكيلي إبان تلك الفترة؟
لا لم أشرف عليها وإنما كنت أعدها تحريريًا ، كما كنت أكتب عمودًا أسبوعيًا كل جمعة، ومقالاً مترجمًا من (مجلة تايمز) ليتلاءم مع الوضع، كذلك كنت اترجم كتابًا فنيًا واستكشفت منه بعض القضايا أطرحها واعكسها على مجتمعنا، مثلا في كتاب (أثر الفن في تطور المجتمع) عكست من خلاله تطور المجتمع في تأثير الفن، وكنت اكتب مقالاً مترجمًا وكلمة ولوحة العدد الأسبوعية، ولم تستمر ذلك كثيرًا.

نشاط متقطع
* كيف كانت الحركة التشكيلية في مدينة جدة في تلك الفترة؟
في ذاك الوقت كان هناك معرض منيرة الموصلي وصفية بن زقر هذا في عام 1388هـ في (دار الحنان) وهو أول معرض أقيم في جدة، وكان هناك عراقيون موجودون ينظمون معارضًا، وعبدالحليم رحمه الله كان يقول: المعرض الذي قام في الرياض عام 1384هـ يعتبر جدة هي المحطة الثانية عام 1968م، وفي ذلك الوقت كانت السفارة الإيطالية تعرض أفلامًا كنا نروح لها، وسمعت في تلك الأيام أن الرضوي أنشأ مرسمًا لكني لم أقصده، كما أن الشاعر أحمد خوجلي افتتح في عام 1388هـ مركز الفنون الجميلة بجدة.

جدل حول ريادة
* من هو رائد التشكيل في جدة أنت أم الرضوي؟
لا أنا ولا الرضوي، في واحد من أصول تركية لا اذكر اسمه، ولكن آخر اسمه (رسام)، وكان ابنه معنا في القوات الجوية ولا أذكر اسمه.. وأشير هنا إلى أن الريادة إما زمنية أو انتاجية كعمل.. وكلهم عملوا في نفس الفترة ولم أكن معهم حتى كرسام.. ومن ناحية أساليبهم ما دام لا يوجد تيار فني ولا يوجد مدرسة تشكيلية يبقون هم الرواد وهم المميزون وأسلوبهم يتلاءم مع عقلية الجيل في ذاك الوقت ومع ثقافتهم.. لماذا يزاولون الفن ولماذا يرسمون ما سمعت واحدًا منهم يتكلم عن الغاية لماذا يرسم.. أو نظرة اتجاه الفن، وأنا أسمع الرضوي يتكلم عن الورد والزهرة والإحساس ونظرة إلى الفنون، والسليم ينتمي إلى الصحراء، أبعد من هذا أفكار اجتماعية سياسية وفكرية لم تطرأ على السطح، يمكن عندهم لكن الظرف في ذاك الزمن لم يساعدهم.. لكن عمومًا يمكن القول بأنه لم تكن هناك حركة فنية ولا مدارس فنية بل جهود شخصية، كما لم تكن هناك صحافة فنية، كل ما هناك شخصيات أو أسماء أخذت لها بريقًا ولو خافتًا في فترة من الفترات مثل ضياء عزيز ضياء، كما كان أشخاص بعيدين حتى عن النشاط الفني والوسط الفني، الذي يبرز واحد من هؤلاء بما يستحق من عطائه وعدم وجود نقاد وعدم وجود إعلام تشكيلي من الصعب الآن...

بادرة المعارض
* متى أقمت أول معرض شخصي أو جماعي.. وأين كان؟
أول معرض شخصي كان في عام 1971م وكان المعرض في شركة الوكيد في الرياض، وانتقلنا من جدة إلى الرياض بعد نقل القوات الجوية القيادات من جدة إلى الرياض وكنت اشتغل، ثاني واحد كان نورثرود (الشركة الأمريكية) عام 1972، وفي عام 1973م في فندق اليمامة الجمعية الذي افتتحه بدر عبدالمحسن، في نفس الجمعية نفسها أول معرض تقيمها الجمعية في بطن الجمعية عام 1974م.

قصور النقد
* بعيدًا عن الماضي.. كيف تبدو الساحة التشكيلية الآن في رؤيتك؟
يوجد قصور في النقد التشكيلي، فليست لدينا أكاديمية للفنون وهذا من الأسس الحقيقة لتخريج مستوى فكري معين وفلسفي وتاريخي وفكري ودراسة الفنون الإسلامية معاها منهجها.. وقد حاولت عدة مرات تغيير هذا الواقع وأوضحت لهم أن المدارس الفنية التشكيلية هي بالضبط نفس المدارس الأدبية، فعندما ظهرت المدارس الأدبية في فرنسا كلهم أدباء وكلهم كانوا نقادًا وكانوا يكتبون عن الفنون التشكيلية ويكتبون عن (فانجو وعن تولز لوتيك) أي الرسامين الفرنسيين، هم نفسهم أعطوا تسميات المدارس التشكيلية مثل السريالية والتكعيبية، والأدباء هنا يغيرون من اسم الكرسي إلى اسم (تخت) لا أكثر ولا أقل ولا يوجد فرق كبير هذا للجلوس وهذا للجلوس، هذا متناول الشعر ومقصد الشعر وقصة قصيرة وقصة كبيرة وهذا نفس الشيء، هذه مدرسة سريالية وهناك مدرسة سريالية مدرسة حديثة رومانسية وواقعية وهنا واقعية.

دكاترة بلا حس
* لكن هناك العديد من الأستاذة في النقد من خريجي الجامعات؟
هم ليسوا أساتذة ولا دكاترة في مجالهم.. هل رأيت واحدًا منهم درس في إيطاليا مثلاً وفي يده كتاب باللغة الإيطالية يقرأه، هل رأيت خريج فرنسا يومًا من الأيام في يده كتاب أو مجلة فنية وجالس يقرأه.. كيف يكون له حضور وفاقد الشيء لا يعطيه.
* هل تتهم الدكاترة والأساتذة في مجال الفنون بفاقدي الحس الفني؟
نعم فاقدون الحس الفني.. هم يدرسون تاريخ الفن الأوروبي في العصور الوسطى والعصور القديم والعصور الحديثة وماذا يدرسونهم غير المشاهير.. المدارس هناك تعرف كيف يدرسونهم نأخذ الشهادات مطبوعة من أول يوم تسجل أنك ناجح حدثت أمامي وصارت فضيحة في أمريكا، الرجال راسب في امتحان اللغة أول ما وصل ورجعوه بالتخرج.. وليس موجود ورجع ولم يكن موجود، فإخواني الدكاترة مع احترامي لهم فهم جيدين في تخصصاتهم التي درسوها هناك، قصورهم ما استغلوا الخميرة العطاء الثقافي بالمنهج العلمي الذي درسوه هناك وأن يأتون يطبقونه من حيثيات مجتعهم.. هذا هو السبب بما أن الذي درسه هناك يأتي ويدرسه هنا.

أرضية مفقودة
* هل أنت مع المدارس الحديثة التي نشأت وانقطعت عن بيئتها؟
أنا مع المدارس الحديثة في مكانها.. هؤلاء بالأصل ليسوا بفنانين يعني ما لهم أرضية.. إنسان متسلق بالمجتمع وعادات مجتمعة وتاريخ مجتمعة ودين ولغة مجتمعة، هذا ماذا وما هذا الذي هناك، يا ليت يدركها ويفهمها، لماذا صارت تكعيبية ولماذا صارت سريالية ما السبب التاريخي والاجتماعي والاقتصادي الذي خلاهم يتجهون إلى الاتجاه، هل عرفوا.. وليتهم كانو مجرد تمقليدين للغرب، فما يقومون به تقليد مزيف، فأنت عندما تقلد شيئًا ولا تدركه، فكيف تجيد التقليد بالشكل، حتى الشكل كيف تضع مربع بجنب مربع.. هل المستطيل الذهبي والمثلث الذهبي وهذا من أيام اليونان وليس من الآن.إن اللوم هنا يقع على الإعلاميين، فإنهم يصنفون هؤلاء على اعتبار أنهم فنانين، ويشاركهم في ذلك النقاد.
* أمازلت متمسكًا بالمدارس القديمة؟
لا.. أنا أقول يجب أن نتطور من المدارس القديمة إلى المدارس الجديدة بما يتلاءم مع واقعنا ومجتمعنا في كل شيء من تراثنا وتقاليدنا.
توقف اضطراري
* إذا عدنا إلى تجربتك كم لك من الأعمال الآن؟
لقد توقفت عن الرسم منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب وهن الجسم وتكاثر الأمراض عليه، وأذكر أن بعض الأخوات طلبوا مني لوحات فجمعت لهم ما يقارب الـ(50) لوحة فما لدي لا يتعدي هذا الرقم بكثير،وبعضها قد لا يصلح العرض.
* كثيرون يرون أحقيتك بالتكريم.. فهل فكرت غي ذلك؟
لم أفكر في ذلك، وسواء تم ذلك أو لم يتم فإنه لم يعد يهمني كثيرًا.

تمثيل ناقص
* كيف تنظر إلى المشاركات الخارجية.. وبم تعلل ضعف مشاركاتك فيها بينما ينشط فيها آخرون ومنهم تلاميذك؟
ربما لأنهم أحسن وأنشط مني.. واضح أنه يبحثون عن المشاركة وأنا الذي أبحث عنهم.. وعمومًا أحس بأن مثل هذه المشاركات
لا تمثل المملكة بصدق.. هم أصلا مواطنين ومجدين ومجتهدين ويحاولون أن يتماشوا مع العصر.. ولكن في نظري أنهم لم يهضموا الوضع.

إهمال الدور
* كيف ترى دور وزارة الثقافة الإعلام في دعم الفنون التشكيلية؟
متى ما كان في كل مدينة متحفًا أو معرضًا دائمًا أقول إن الوزارة قد أدت دورها..
* وماذا عن جمعية التشكيليين؟
ليس هناك شيء اسمه جمعية تشكيلية.

لسان طويل
* لماذا لا تشارك فيها منذ بداياتها؟؟
لم أتقدم لعضويتها.. ولا حاولت أرشح نفسي لأني شخص غير مرغوب فيه.. ولأن لساني طويل، وطويل على الحق وصريح.. لكن الجمعية يجب أن تكون في صالح الفنان، في الغرب إذا صار عمر الفرد 60 سنة وكان فنانًا أو أديبًا فإنهم يطلقون اسمه على أحد الشوارع والمحلات وأقسام الجامعات باسمه، نتطلع لأن تكون هناك بطاقات تأمين طبي للمبدعين، وأن يكون هناك اهتمام باللوحات وبيعها والمؤلفات والترويج لها، وهذا ليس دور وزارة الثقافة والإعلام وإنما دور الجمعية التشكيلية، ويجب أن لن تكون فرعًا من الوزارة بل مستقلة وبميزانية منفصلة، هذه أهدافنا العامة وهذه مشاريعنا ويجب أن يحسبوا لها حسابًا في الميزانية.

صالات بهدفين
* هل تتابع الصالات التشكيلية في الرياض وتزور المعارض؟
أي معرض فيه درج لا أذهب إليه نهائيا.
* بالنسبة لكثرة الصالات هل هي تقدم فن جادي أم مجرد أنها فتحت للبرستيج؟
برستيج لا.. انقرضت الصالات.. أو الذي فتح الصالة موهوب ولكن مع ذلك لديه هدفان: هدف شخصي وهدف عام، الشخصي أن يجد له اسم مثل ما تفضلت كما تقول برستيج أو منفع مادي أن يحصل عل فلئدة من خلف المشروع وهذا حق مشروع، الشيء الثاني بعمله هذا هو نشر الثقافة الفنية من خلال هذه الصالات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store