Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإسراف مقرون بالضياع

‏كفى بالتبذير عيباً, ويكفي به توعُّداً وتدميراً, وكفى بأعوانه وأربابه أنهم كانوا من إخوان الشياطين .

A A
‏كفى بالتبذير عيباً, ويكفي به توعُّداً وتدميراً, وكفى بأعوانه وأربابه أنهم كانوا من إخوان الشياطين .
إنَّ من الواجب على الإنسان الذي أنعم الله عليه, وأفاض عليه من أبواب الرزق وأصناف العطاء, أن يشكر الله على ذلك بالمحافظة عليه وصرفه في وجوهه المستحقة, وأن يبتعد به عن التبذير والإسراف والبذخ والمباهاة, فإن المسرف قد حَرم نفسه محبَّة الله له, قال تعالى: "إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين" سورة الأعراف: [31].
إنَّ المباهاة والبذخ والتبذير ليست من الإسلام في شئ وإن كل الرسالات السماوية قد وعدت من كان مسرفاً, ومن لبس ثياب الشهرة والكبر والمباهاة والمفاخرة, ألبَسَه الله -عز وجل- يوم القيامة ثياب الذل والعذاب, وإن الإسراف عاقبته وخيمة, ونتائجه أليمة, وتبعاته عظيمة, وإذا كان المسلم قد نُهي عن الإسراف حتى في الأمور المباحة بل وفي الطاعات الواجبة؛ فكيف به يباهي بماله أو جاهه أو بركن يؤويه؟!
إن بثَّ روح الانتظام والتقيد بالنظام والاعتدال والتوسط والبعد عن الإسراف والتباهي؛ لهي سمات حميدة مفروضة على كل إنسان سويّ, وعليه أن يُرشد من يستطيع إرشادهم ليكتب له الله -عز وجل- الأجر.
يقول ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله تعالى: "وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" سورة سبأ: [39]؛ يعني: من غير إسراف ولا تقتير.
إن قاعدة الوسطية هي أفضل وأكمل ما يسير به المسلمون, ويمضي عليه المؤمنون الذين امتدحهم الله تعالى بقوله: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً" سورة الفرقان: [67]ُ, وإن أكمل وأفضل ما يسير عليه المؤمن هو ما رسمه الله تعالى له بقوله تعالى: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا" سورة الإسراء: [29], وما رسمه له النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فـي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيـلَةٍ" صحيح الجامع: [4381].
أتعجب من بعض الأثرياء, قد يشتري حذاءً بألف ريال مثلاً, ولكنه في ذات الوقت يبخل على الفقير بريال واحد؛ فقد جمع مصيبتين وخلتين سيئتين: الإسراف والبخل.
إننا لا نعني بعدم الإسراف أن يقتر الإنسان على نفسه ويحرم نفسه طيبات الله التي أخرجها الله له, و يعيش أهله في نكد وضيق, ويحرمهم من أطايب الأطعمة وهو قادر على ذلك مالياً؛ لأن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده, ولكن الذي أحذِّر منه نفسي وإخوتي الإسراف المُنْتَقد, والتبذير المذموم, وإنفاق الأموال في ما لا فائدة فيه, وإذا كان الإسلام قد نهي عن صرف الأموال كلها حتى لو كانت في سبيل الله ونصرة دينه, فكيف إذا كان ذلك في الحرام أو من أجل التباهي؟!.. أعاذنا الله -عز وجل- من ذلك.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store