Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

دولة فلسطين والسويد .. وليبرمان ومفروشات إيكيا

لفت نظري مؤخراً خبر يقول أن رئيس الوزراء التونسي السابق الباجي قائد السبسي ، وزعيم " نداء تونس " الذي فاز مؤخراً بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية ، سوف يدشن حملته الرئاسية من أمام ضريح الرئيس الحبيب ب

A A
لفت نظري مؤخراً خبر يقول أن رئيس الوزراء التونسي السابق الباجي قائد السبسي ، وزعيم " نداء تونس " الذي فاز مؤخراً بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية ، سوف يدشن حملته الرئاسية من أمام ضريح الرئيس الحبيب بورقيبه ، الذي قاد تونس للاستقلال عن فرنسا وتولى رئاستها من عام 1956 حتى انقلب عليه رئيس وزرائه ووزير داخليته زين العابدين بن علي عام 1987 ( فر من تونس في يناير 2011) .. وما لفت نظري هو العودة لتكريم الزعيم التونسي الذي كان يعتبر في أيامه من أكثر الزعماء العرب تقدمية ، وإن كان خصومه يصفونه حينها بالرجعية . وله موقف بارز من القضية الفلسطينية تلخص في أن على الفلسطينيين القبول بإقامة دولة لهم على الضفة الغربية وغزة ويستطيعون المطالبة بما تبقى لهم من أرض احتلها الصهاينة ، وأطلق على حملته مسمى ( خذ وطالب ) . إلا أن عبد الناصر ، الرئيس المصري ، وكثيراً من القوميين العرب هاجموه بعنف وأصروا على أن السبيل الوحيد لإقامة كيان فلسطيني هو تحرير كامل الأرض الفلسطينية .
وتدور الأيام وتضيع القضية الفلسطينية في متاهات الصراعات العربية العربية ، بينما يواصل الصهاينة توسعهم ، ونصل إلى مرحلة تصبح فيها قضية العرب الأولى : فلسطين ، وقد تحولت إلى قضية ثانوية بالنسبة للعرب ، وتتفوق عليها ، في اهتمامات العرب ، قضايا طارئة أبرزها اليوم ( داعش وأخواتها ) ، وأهمها التساؤل عن مصير الأوطان العربية الحالية ، وأمن العربي في بيته ولقمة عيشه خلال المستقبل المنظور . إلا أن القضية الفلسطينية لازالت قضية شعب يأبى أن يندثر ، حتى وإن سعى الصهاينة إلى مواصلة فرض واقع على الأرض بعد واقع لتقليص مساحات الأرض التي يمكن أن تقام عليها دولة فلسطين ، إن قامت .
ويتجدد الحديث اليوم عن رغبة أمريكية ، وليست إسرائيلية ، للعودة إلى طاولة المفاوضات ، وعن مسعى في مجلس الأمن للأمم المتحدة لاستصدار قرار بوضع إطار زمني وجدول أعمال محدد ، قد لا يستخدم الأمريكيون الفيتو ضده ، لمحادثات بين الفلسطينيين وإسرائيل .. وتتعدد المؤشرات على تغير في الموقف الدولي من القضية الفلسطينية والضيق الذي يشعر به العالم تجاه التعنت الإسرائيلي ، وبدون أن يكون للوقاحة الإسرائيلية تأثير كبير على مسار هذا الإتجاه الإيجابي لصالح الشعب الفلسطيني .
وعندما أعلنت السويد نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية سارع وزير الخارجية الإسرائيلي ، أفيغدور ليبرمان ، إلى سحب سفيره في استوكهولم ، وقال بوقاحته المعتادة : " إن على الحكومة السويدية أن تفهم أن العلاقات في الشرق الأوسط أكثر تعقيداً من تركيب مفروشات إيكيا وأنه لا بد من التحرك في هذا المجال بمسؤولية وحساسية " .. فكان أن ردت عليه وزيرة الخارجية السويدية ، مارغو والستروم بالقول : " سأكون سعيدة بإرسال قطعة مفروشات من إيكيا إلى أفيغدور ليبرمان لكي يجمعها ..وسيكتشف بأنه لا بد من شريك ولا بد من تعاون ومن وجود كتيب شرح جيد " . الأمور تسير لمصلحة الفلسطينيين ، إن أحسنوا استغلال الظروف الحالية ، فإسرائيل تجد نفسها معزولة عن العالم ، وحتى أمريكا ، الراعي الرئيس لها ، غير قادرة على تقبل بقاء إسرائيل كدولة عنصرية وترغب في تغيير المعادلة الحالية للوضع الإسرائيلي ، فأمريكا ، بصرف النظر عن موقف البيت الأبيض الذي من الممكن أن تحل فيه إدارة من الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة ، أصيبت بالملل من التصرفات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ومن مستعمراتها التي تتضخم أعداداً ومساحة ، بل وهناك في إسرائيل قوى ترى أن نتنياهو بسياساته المتطرفة ، أصبح عبئاً ، وأنه يعربد بقوة وهمية ليس هو مالكها الفعلي ، بل هو يحصل عليها من آخرين في هذا العالم لهم مصالحهم ويجب عليه أن لا يتجاهلها .
ويبقى على الفلسطينيين الإلتقاء على حد أدنى من الوفاق ، وكان من حسن طالعهم أن حماس تراجعت عن استقلال قطاعها ( غزة) بعد سقوط حظوتها لدى النظامين السوري والإيراني وانهيار حكم الإخوان المسلمين في مصر ، وعجزها عن مواجهة أعباء الحكم الباهظة وتعرضها لضعوط مالية وسياسية خانقة . وبالفعل إذا استمر الحد الأدنى من الوفاق الفلسطيني الحالي فإننا قد نشاهد قريباً تحقيق أمل الدولة الفلسطينية بعاصمة لها في القدس .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store