Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل ترضيكم هذه المناظر؟!

تدور كاميرا الحياة اليومية لترصدك متجهًا إلى عملك وقبلها تريد أن توصل أبناءك إلى مدارسهم تسير بسيارتك متحفزًا مع ساعات الصباح الأولى وسط طرق مزدحمة والحركة المرورية الله بها عليم، فتفاجأ بالسيارة التي

A A
تدور كاميرا الحياة اليومية لترصدك متجهًا إلى عملك وقبلها تريد أن توصل أبناءك إلى مدارسهم تسير بسيارتك متحفزًا مع ساعات الصباح الأولى وسط طرق مزدحمة والحركة المرورية الله بها عليم، فتفاجأ بالسيارة التي أمامك تتهادى الهوينى تارةً يمنة وتارةً يسرى غير آبهٍ سائقها بمن خلفه ولا مكترث بالاختناق المروري، تحاول أن تعرف السبب وتجلي المجهول، وتقترب من السيارة تفتح زجاج سيارتك لتقول لسائق السيارة انتبه وقُد سيارتك بحكمة مراعاةً لمن خلفك فتجده بكل سذاجة ولا مبالاة يمسك بهاتفه الجوال في يده يتابع الرسائل لا ينظر أمامه وهو يقود سيارته وغير مكترث بمن حوله تنبهه للحرص والحذر وعدم قراءة الرسائل وهو يقود سيارته فيرد عليك بكل برود وقمة اللا مبالاة مردفًا ذلك ببعض الإشارات الاستهزائية من يديه، تؤثر السلامة وتتركه في شأنه وتمضي في حال سبيلك محوقلاً مندهشًا متعجبًا.
ينتهي دوام عملك تصطحب أبناءك من مدارسهم في طريق عودتك إلى منزلك تمر بجانب سيارة تسير متثاقلة يمنة ويسرة تلحظ لشدة الغرابة أن قائد السيارة يضع طفله الصغير في حجره (في عبّه) وهو يقود السيارة وكأنه يلاعبه في ملاهي أطفال وزوجته والدة الطفل في المقعد المجاور لزوجها تملأها الفرحة كأن ابنها الطفل أتى بما لم تسطعه الأوائل، تبلغ بك الدهشة مبلغها من المستهترين بأرواحهم وأرواح الآخرين ومنهم فلذات أكبادهم، تمضي في طريقك عائدًا لمنزلك تسأل الله السلامة لك وللآخرين.
صباح اليوم التالي وأنت متجهٌ إلى عملك تلحظ سيارة غريبة تسير أمامك تتأرجح على غير هدى تخشى أن يكون صاحبها قد أصابه مكروه تقترب منه، تتملكك الدهشة ويعقد لسانك التعجب تجده يقود السيارة بيد ويطالع مصحفًا شريفًا يقرأ القرآن الكريم منه، ويبدو أنه خرج من داره مسرعًا ولم يقرأ حزبه اليومي فلم يجد حسب رأيه القاصر إلا أن يقرأه وهو يقود سيارته متجهًا لعمله غير آبهٍ بما قد يجره على نفسه والآخرين من إهماله وعدم انتباهه للقيادة متناسيًا قول الحق عز وجل: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
بعد عودتك لمنزلك، تدخل المسجد لأداء الصلاة المفروضة بكل سهولة ويسر تنتهي الصلاة تخرج بعدها تفغر فاهك يصيبك الإحباط لتجد الوضع يختلف تمامًا عن ما كان عليه وأنت داخل للمسجد، سيارات أشكال وأنواع أتى بها المصلون المتأخرون أوقفوها كيفما أتفق بطريقة عشوائية بدائية أمام المسجد وكل يحاول لو استطاع أن يدخل بسيارته للمسجد، المهم أداء الفريضة أما أذية المسلمين وإقفال الطرق أمامهم فغير مهم وكأن الدين مظهر وليس تعامل ومعاملات وحرص على عدم أذية الآخرين وعدم إلحاق الضرر بهم.
بالفعل تلك أمثلة يسيرة لمناظر ومشاهد مزعجة بل ومؤسفة في أحيان كثيرة قد يصادفها أي ٌمنّا في حياتنا اليومية تحدث في داخل مجتمعنا ولا ترضينا وهي صور مخزية تُدمي لها العين، وتدور بنا كاميرا الحياة وتستمر وتنتقل بنا هنا وهناك لتلتقط لنا مناظر صارخة وأخرى أشد منها استهتارًا بالذوق العام.
كل تلك السلوكيات لا تنسجم مع ديننا الإسلامي الحنيف ولا مع عاداتنا وتقاليدنا ولا مع تحضرنا فهي تستدعي تضافر الجهود من كافة المؤسسات التعليمية والإعلامية والمجتمعية ومختلف الجهات ذات العلاقة للقيام بحملات تصحيحية مستمرة لتصحيح مثل هذه السلوكيات في أساليب حديثة متنوعة حتى تجد القبول والاستحسان.
نتمنى ألا نصاب بالحيرة والدهشة والذهول في المستقبل القريب عندما تصادفك كاميرا الحياة مرة أخرى وهي تتجول في الأماكن العامة والطرقات وغيرها تلتقط لنا صورًا لمناظر ومشاهد لتصرفات لا ترضي مجتمعنا ولا ترضي ذوقنا العام.
فكم هو مجتمعنا بحاجة لأن يعي أن الذوق يكمن في السلوك الحضاري لا في المظاهر البراقة وعلينا أن نحرص على تربية أبنائنا وبناتنا على حب النظام في جميع أمور الحياة، واحترام الآخرين ومراعاة حقوقهم، والاهتمام بالمظهر والذوق العام، وتنمية ثقافة الذوق والاحترام بين أفراد المجتمع لنكون جميعًا يدًا واحدة لتكوين مجتمع حضاري يعكس قيم ديننا الحقة نسير عليه في الحاضر والمستقبل.
ويبقى الأمل في أن يكون الذوق في مجتمعنا واحدًا من المعايير الدالة على وضع مجتمعنا مجتمعًا حضاريًا.
فلنتمثل قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا".
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store