Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أمامكم سنين عجاف طويلة

... ودخل عام ميلادي آخر ، أو كاد ، تسلل عام جديد ( 2015) إلى حياتنا ...

A A
... ودخل عام ميلادي آخر ، أو كاد ، تسلل عام جديد ( 2015) إلى حياتنا ... ونحن لسنا نادمين على فراق العام الحالي ولا فرحين بقدوم العام الجديد ، لا نستطيع أن نقول :" كل عام وأنتم بخير " ، لأن الأعوام القادمة لن تشهد عالمنا العربي يعيش في خير .. فلا الاقتصاد يبشر بالازدهار ، ولا الأوضاع السياسية والاجتماعية تجعلنا نتفاءل .
معذرة لكل هذا التشاؤم ، إلا أن هذا هو الواقع ، الذي بالإمكان تغييره وذلك بتولي بناء حواجز توقف أو تحد من الانهيار الشامل للنظام العربي .. وبمناسبة ذكر العرب ، أتساءل أين اختفى أولئك القوميون العرب بمختلف ألوانهم ؟ ولماذا عجزوا حتى الآن عن تكوين حزب أو جبهة أو حتى عصابة ؟ .. يبدو أنه من الضروري أن يعيد العروبيون ، حاملو لواء العروبة ، تقييمهم لمعنى العرب ، وما يمكن أن يجمعهم ، لأن الواقع يدل على أن حركات ( العروبة ) عاجزة عن تنظيم صفوفها وجمع مناصرين لفكرها حتى في الفراغات التي خلفها سقوط الحكام وتهاوي نظام الدولة .
أبرز أحداث العام الماضي إعلان دولة داعش ، كدولة خلافة إسلامية ، ونجاحها إعلامياً في تصوير الإسلام الداعشي كدين ذبح وقتل ودمار وسبي نساء وتحويلهن إلى أدوات جنس وبضاعة تباع وتشترى في سوق النخاسة . بل شاهدنا الدولة التي يحكمها حزب إسلام سياسي ( تركيا ) بعد أن نجحت اقتصادياً نجاحاً باهراً أصيب أحد قادتها بجنون العظمة ووضع كل الإنجازات الاقتصادية الجيدة التي تنسب إليه في خطر بإبعاد رفاقه الأقوياء والاستعانة بمن يوافقه في كل أمر ولا يخلص النصيحة له ، وأضاف إلى ذلك أن أنشأ مجلس وزراء مواز في قصره الرئاسي يكون رقيباً على الوزراء المتصدرين الذي هم موالون له فعلاً . وهذا الأمر يهدد (التجربة ) التركية أيضاً .
لقد فتحت أبواب جهنم أمام منطقة الشرق الأوسط بكاملها وذلك يشمل العالم العربي وفلسطين المحتلة وإيران وتركيا وباكستان . فإيران تبحث عن المجد لحكامها من لابسي العمائم وتتمدد على مساحات واسعة جداً ، وهي تعيش في حيرة من أمرها فيما يتعلق باتفاقية مع أمريكا تحدد نواياها في نشاطها النووى . فهي إن وقعت اتفاقية مع ( الشيطان الأكبر ) ، حتى وإن كان ذلك الشيطان في عهدة جهاز إداري لا يفقه في السياسة سوى النواحي الأكاديمية ومستعد لتقديم التنازلات مقابل ما يعتقدون أنه مجد لأوباما ، ستجد أنها مضطرة لفتح الباب أمام العالم الخارجي ، بما فيه أمريكا وأروبا ، مما سيعتبره المتشددون في النظام الإيراني القائم بداية مخاطر ستهدد النظام وتقضي عليه . وفي نفس الوقت فهي إن لم تتفق مع شيطانها ستتواصل العقوبات ومعها مصاعب إدارة البلاد والغزوات بموارد محدودة .
ولكن .. بصرف النظر عن إيران وتركيا وباكستان ويهودية إسرائيل فإن أوضاعنا العربية من العراق شرقاً وليبيا غرباً ومن سوريا شمالاً واليمن جنوباً لا تهدد البلدان المعنية فقط بالمزيد من الدمار بل تضع كامل المنطقة في كف عفريت وعرضة للمفاجآت ... فلا زالت البيئة العربية طاردة لكل مخالف فكري وأيديولوجي ورافضة لكل حزبية ، بأي شكل كان ، وبنيتها الاجتماعية ظالمة والسلطوية قاهرة والثقافة أحادية وتعيش في ضدية حقيقية للدولة الحديثة حيث ثقافة المجتمع هي العودة للماضي ، وتعاني مجتمعاتها من تهديد ورفض للتنوع الثقافي والديني .
دولة داعش وصلت إلى مداها ، ويكاد المراقبون أن يجمعوا على أنها لن تتمدد أكثر مما وصلت إليه . لكن مخاطرها قائمة عبر تصديرها لإرهابها والتعاطف الذي تلقاه ممن جرى غسل فكرهم في السابق بشكل يجعل الفكر الداعشي قريباً من قلوبهم . وهل لم تلاحظوا أن مجتمعاتنا أصبحت لا تتأثر بصور الذبح والعمليات الإنتحارية التي يذهب ضحيتها العشرات من الأبرياء ؟ .
بالطبع هناك أمل في إقامة حواجز تحد من الانهيار عبر تنفيذ سياسة جريئة في عالمنا العربي ، سياسة نكاد أن نلمس ملامحها في مجتمعاتنا الخليجية تستهدف كبداية أولى لها ترسيخ مفاهيم الشفافية والإفصاح فيما يتعلق بالميزانيات والنفقات وتحسين مستويات الحوكمة وتوفير فرص عمل بشكل أكثر عدالة . إلا أن المطلوب خطوات أكثر جرأة وسرعة وتشمل إتاحة ممارسة السياسة ودعم القوى المدنية ضد التطرف الديني .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store