Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حول البترول والميزانية والوزراء

نشرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية في عددها الصادر يوم (15) ديسمبر تقريراً حول تأثير انخفاض أسعار البترول على الاقتصاد العالمي ، وعرضت مجموعة المراسلين الاقتصاديين في هذا التقرير نماذج للدول المست

A A
نشرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية في عددها الصادر يوم (15) ديسمبر تقريراً حول تأثير انخفاض أسعار البترول على الاقتصاد العالمي ، وعرضت مجموعة المراسلين الاقتصاديين في هذا التقرير نماذج للدول المستفيدة والخاسرة من انهيار أسعار البترول . وشرح التقرير مثلاً أنه بينما سوف يستفيد الاقتصاد التركي من الأسعار المنخفضة للبترول ، إلا أن الارتفاع المتوقع لأسعار الفائدة على الدولار الأمريكي قد تكون أحد العوامل لعدم استفادة الاقتصاد التركي كثيراً ، كما أنه من المستبعد قيام الدولة برفع الضرائب على البترول حيث إنها إحدى الدول التي تفرض أعلى ضريبة في العالم على البترول .
بينما من المتوقع أن يستفيد الاقتصاد الأمريكي ، من هبوط أسعار البترول ، بالرغم عن التأثير السلبي على البترول الصخري ، حيث سوف يكسب الاقتصاد الأمريكي ما معدله 75 بليون دولار سنوياً ، وتستفيد اقتصاديات أوروبا وكذلك بريطانيا واليابان . وستتعرض الصين لمشاكل في تحصيل ديونها من الدول المتضررة من انخفاض أسعار البترول مثل فنزويلا .
أما الدول المتضررة من انهيار أسعار الذهب الأسود فهناك قائمة بست منها وتقييم لسعر التعادل لبرميل النفط المطلوب لموازنة ميزانية كل من هذه البلدان التي صدرت للعام الحالي 2014. وتشمل القائمة النرويج ، التي يتوقع كاتبو التقرير أن تكون نقطة التعادل لميزانيتها هي 40 دولاراً لبرميل النفط ، وهي أقل الدول تعرضاً لهزات انهيار سعر البترول بشكله الحالي . أما أكثر منتجي النفط حاجة لسعر عال من البترول فهي إيران التي يتطلب نقطة التعادل لميزانيتها سعر 130 دولاراً للبرميل ، تليها فنزويلا بسعر 114 دولاراً للبرميل ، فنيجيريا بمبلغ 110 دولارات ، ثم روسيا بسعر أقل ولكن بقيمة 105 دولارات لبرميل نفطها .
وبالنسبة للمملكة العربية السعودية فإن سعر التعادل المطلوب لبرميل البترول ، كما يقول التقرير ، حسب تقديرات ميزانية 2014 فإنه 89 دولاراً . وإن كان من الواضح أن ميزانية الدولة التي صدرت بعد تاريخ نشر التقرير لم تأخذ بالحسبان احتمال وصول معدل سعر البترول خلال العام القادم ، 2015 ، إلى هذا المستوى . وظهرت عدة تحليلات للميزانية السعودية من أكثر من محلل اقتصادي سعودي وغير سعودي ولم تتفق جميعها على الوصول إلى السعر التقديري لمعدل سعر برميل النفط خلال العام الذي بنيت علية الميزانية السعودية . وإن كنت أميل إلى رقم توقعه المحلل والكاتب الإقتصادي السعودي ، الدكتور محمد الصبان . وهو 52 دولاراً للبرميل .
من الصعب التنبؤ بمسيرة أسعار النفط الخام خلال العام الحالي أو الأعوام التي تليه ، إلا أن الميزانية السعودية وهي أضخم ميزانية شهدتها المملكة أعدت بحيث يمكنها تحمل صدمات ذبذبة أسعار النفط في الأسواق العالمية . ويبقى على الوزراء كل في مجال عمله ، أن يحسنوا استخدام المصادر المالية التي توفرها الميزانية الضخمة هذه في تحقيق المستهدف منها . وبالرغم عن أن أداء بعض الوزارات في السابق لم يكن مرضياً ، مما انعكس إلى عدم تفاؤل بعض المواطنين بأن تنجح الوزارات في تنفيذ الجزء الأكبر ، إذا لم يكن كل ، مما استهدفته الميزانية الطموحة الحالية ، إلا أن عاملين رئيسيين يدفعان للتفاؤل الآن ، أولهما أن الأجهزة الرقابية ، القديم منها والجديد ، أصبحت أكثر فعالية بنسبة أفضل ، نوعاً ما ، مما كانت عليه في السابق ، في مستوى مراقبة أداء الوزارات المختلفة ومحاسبتها ، بل حتى مجلس الشورى الذي لم تكن له أسنان يعض بها ، أصبح أكثر حماساً في محاسبة الوزراء وفصاحة في محاسبتهم والتشهير ببعض الوزارات المقصرة ، وثاني العاملين الرئيسيين أن عدداً كبيراً من الوزراء السابقين تركوا كراسيهم ، بمحاسنهم وسيئاتهم ، وحل محلهم جيل جديد من الوزراء جعل الكثيرين يتفاءلون بأنهم سوف يشهدون أعمالاً منهم تلتزم بما وجههم إليه خادم الحرمين الشريفين خلال مراسم حلفهم اليمين أمامه .
نحن نتمنى أن ترتفع أسعار البترول ، ولكن التوقعات تشير إلى أن هذه الأسعار لن ترتفع إلى المستوى الذي كانت عليه سابقاً ، في المستقبل المنظور على الأقل . وربما كانت ميزانية تقشف مع رقابة أداء أفضل هي المناسبة في مواجهة الظروف المالية الحالية ، ودافعاً لأداء وزاري أكثر إنتاجاً وأقل إسرافاً ، وفرص فساد أقل كثيراً . ولكن الدولة تأبى إلا أن تستفيد البلاد من الفرص المالية الحالية لتحقيق نمو ورخاء يستفيد منه الجيل الحالي ، ويبنى عليه ازدهار لصالح الأجيال القادمة .. وسيكون كل ذلك مرتبطاً بأداء منظم ومراقب ، أفضل مما كان في السابق ، لأعمال مختلف الوزارات ومشاريعها التي نأمل أن يتقلص عدد ونوع المتعثر منها .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store