Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التلون والنفاق ( 1 ـ 2 )

قال تعالى : « مَنْ يَهْدِ اللَّه فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ « [ سورة الكهف : 17]

A A

قال تعالى : « مَنْ يَهْدِ اللَّه فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ « [ سورة الكهف : 17]
من فقد الرشد ؛ فقد الهداية .. ومن فقد الهداية ؛ فقد تاه وضل . لماذا هذا التلون ؟ .. سؤال لمن يعتقدون أن في التلون مهارة وذكاء .. أجيبوا : لماذا التلون ؟ كثيراً ما يصادف الإنسان عقبات .. منغصات .. أزمات , ليست كلها سهلة ولا هنية , بل قد تكون غاية في الصعوبة , وقد تعيق إنتاجنا أحياناً , ومنا من وهبه الله ـ عز وجل ـ عقلاً وفكراً , وبالفكر الرشيد الذي يتسم بالموضوعية ستستنير بصيرته , وسيتدبر كل أوضاعه الإنسانية بإيمان راسخ ,ويريح كل من يتعامل معه .
فبمشيئة الله ـ تبارك وتعالى ـ سوف تقل أخطاؤه وتلونه , ولسوف يرضى عنه خالقه , وسوف تحفظ أقدامه من الزلل , فلا يزل , ولا يضل , ولا يتلون ؛ لأنه من المنطق أننا إذا تحلينا بالتدبر والنصح والتبصر وعدم الاستعجال , فإننا سنفلح بمشيئته , ولن يكون عندنا باطن سوء.
وإذا تأصلت فينا ـ بني الإنسان ـ تلك الخصائص الطيبة فسوف يقوى إيماننا , وبه نفلح ويفلح من هم في معيتنا بمشيئة الله ـ تبارك وتعالى ـ .
إن السير على طريق الفلاح والرشاد يجعلنا نقدم أعمالاً مجيدة تسير على مجدها أجيال من بعدنا إلا من أبَى واستكبر , وسيجعلنا نترك أيضاً تلك الذكرى العطرة لمن هو آت . وتبقى لنا الذكرى العطرة التي نُذكر بها بعد فراقنا للدنيا , والذكرى لكل إنسان عمر مديد .
وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي :
فاعمل لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان
ولكن علينا أن نفهم ماذا يحدث إذا كنا من الصنف الآخر ؟
وأعني بهم الذين يتلونون كل يوم عما قبله وعما بعده , فيوماً تراهم يرتدون ثياب الإنسانية ويبدون مظاهر الإيمان , ويوماً تراهم يركنون إلى الخلق الوحشي واللامبالاة ويتكاسلون عن المطلوب منهم ويتخلقون بأخلاق الشيطان , هؤلاء كيف تنطبق عليهم كلمة الإنسانية ؟ لو أردنا أن نطبقها عليهم فسنجد أنفسنا في حيرة شديدة أمامهم ؛ لأنك تراهم لا يرتاحون إلا لوجود وشاية أو مضرة لغيرهم , أو ابتزاز لمن يرافقهم أو يعاشرهم , وتجدهم دائما يلهثون لتحقيق غايتهم , وتحصيل ما في أنفسهم الشريرة .
ولو أردنا أن نفسر الأمر أكثر لوجدنا أن المسئوليات والحدود والالتزامات والتعاملات والماديات التي هي حق من حقوق الإنسانية ؛ قد نسوها أو تناسوها .. هؤلاء هم الدخلاء على البشرية , تجدهم يرغبون بأي وسيلة في نفث السموم وبث الأحقاد بين البشرية .. هؤلاء دخلاء فيك يا زمني .
قد يمر على الإنسان كثير من هذه الأصناف , لا يعرفهم قط إلا عندما يوحي لهم قرينهم بأن يطبقوا ما اعتادوا عليه , هنا تنكشف الحقيقة .. ولكن للأسف .. بعد أن يكون قد مرَّ زمن طويل لمرافقة البعض منهم , وبعد هذه المرحلة ستنشأ العوائق في التعامل مع هذا الصنف الملوَّث من البشرية , وقد نجد أن هناك فئات من الذين قد وهبهم الله بُعْد النظر وثبتهم بالإيمان يستسلمون لهذا الصنف من البشر ؛ ولكن هذا الاستسلام فيه من الحذر في التعامل معهم بحسب طريقتهم , ويتعايشون معهم حتى يعرفوا ما بداخلهم معرفة تامة , ثم يتخذوا قرارهم الحاسم معهم ..
ولعل في قول المتنبي الكثير .. ففي بيت واحد يقول :
ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى
عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store