التلون والنفاق ( 2 ـ2)

ومن منطلق تعلُّم لغة هؤلاء .. فالمؤمن كَيِّسٌ فَطِن إن شاء الله ، ومن تعلَّم لغة قوم أمِنَ شرهم ومكرهم . ترى بعض الناس يتعامل معهم لمعرفتهم فقط ، ومعرفة كيفية تفكيرهم فكيف يتلونون ؛ لأن العِلْمَ بذلك يجنب الإنسان كثيراً من المخاطر ، وقد يحاول بعض الأخيار إزالة هذا التلوُّن من هذا الصنف ، وبعض آخر منا يحاول .. متحدياً .. العودة بهذا الإنسان إلى طبيعته وإلى أصله الإنساني ، ويشعر بأن نجاحه في قدرته على العمل في محيطٍ مع هؤلاء ليعيد إصلاحهم وما فسد فيهم آملاً في إصلاحهم .
قال المُثَقَّب العبدي :
تُُواعِدُنِي مَواعِدَ كَاذِبَـاتٍ
تَمُرُّ بِهَا رِيَاحُ الصَّيــــــــــْفِ دُونِــي
فَإِمَّا أَن تَكُونَ أَخِي بِحَـــــــــقٍ
فَأَعْرِفُ مِنـــكَ غَثِّي مِـن سَمِــيـنِي
وَإِلا فَاطَّـرِحْنِي واتَّخِذْنِي
عَــــــــــدُوَّاً أَتَّقِيــــــــــــكَ وَتَتَّـــــقِينِي
فَإِنَّكَ لَوْ تُعَـانِدُنِي شِمَــــالِي
عِنـــَادَكَ مَا وَصَـــلْتُ بِهَا يَمِــينِي
إِذَن لَقَطَعْتُهَا وَلَقُلْـــتُ بِينِي
كَذَلِكَ أَجْتَـــــــــــوِي مَن يَجْتَـوِينِي
أقول لمثل هؤلاء المتلوِّنين : امكثوا مع تخيلاتكم فلن تفلحوا ؛ لأن الله - عز وجل - قد ميَّزنا بقوة الإيمان ، وأسبغ علينا الصبر وقوة العزيمة على عمل الخير وفعله ، ولن تنالوا إلا المآسي ولذة من أنفسكم الشريرة ، ولن تحصدوا إلا العوائق الوخيمة من أفعالكم ، والحياة وإن كانت لا تصفو لأحدٍ فهذه طبيعتها ، ولكن علينا بأن نكون دائماً راضين بالقدر خيره وشره ، فتأتي الأوقات بأحداثها .. فنقول لعله التمحيص ..وللإنسان منها مواقف .. فقد نجد حدثاً يفرحنا وحدثاً يحزننا ، وما بين هذه المواقف يحيا الإنسان ويفنى ، وما أعظم الإنسان حين يعيش حياته بإيمان جازم ، ويقين راسخ ، وعقيدة ثابتة . ما أجمل تعاليم ديننا وتوجيهات كتابنا ووصايا ربنا وأخلاق رسولنا .
قال تعالى : }لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِِ أُولَـِئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ { سورة البقرة: (177) .
قد تُظلِم الدنيا في وجه المرء ، وقد يدخل في أحداثٍ يصعب الخروج منها ، ولكنه بدينه وتقواه واعتماده على مولاه يجد الكربات قد نُفّستْ ، والهموم قد فُرِّجت : } وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ{سورة الطلاق: (2..3) .
ولنعلم أنه :
ليـس عيبـاً أن نخـطئ ..ليس عيباً أن نفكر قبل أن نفعل الشيء ..
ولكن العيب أن لا نبــــالي بذلك ولا نفكر ..فإن لم نفكـر فسـوف ننـدم وتلبسنا الأيام ثوب الاحتقار .