Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رحمك الله يا ملك الإنسانية

رحمك الله يا ملك الإنسانية.. أقمت العدل وهزمت الظلم وانتصرت للوسطية والتسامح.

A A
رحمك الله يا ملك الإنسانية.. أقمت العدل وهزمت الظلم وانتصرت للوسطية والتسامح.
وفي زمن لا يعترف إلا بالأقوياء، كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- يرى أن الحل الأمثل لحالة الفتنة والتفرق التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم، والذي انعكس على تماسكها ووحدتها، لا يكون إلا بالتضامن، والتسامح، والاعتدال، والوقوف صفًا واحدًا .
ومن هذا المنطلق اقترح الملك عبدالله -رحمه الله- تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية، للوصول إلى كلمة سواء، يكون مقره مدينة الرياض».
لقد فقدت الأمتان العربية والإسلامية بل والعالم بوفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- صوتًا كان يُمثِّل العقل والحكمة، ويُعبِّر عن ضمير العالم، ولقد نبَّه الملك عبدالله ومنذ وقت مبكر إلى أن من أهم التحديات التي تواجه الأسرة الدولية في الوقت الراهن ظاهرة الإرهاب التي لم تعد محاربتها شأنًا محليًا ينحصر في حدود دولة ما، لذا أكدت المملكة وفي العديد من المناسبات والمحافل الدولية إدانتها واستنكارها للإرهاب بكل أشكاله ومظاهره، وأيًا كان مرتكبوه، وأعلنت استعدادها التام للانضمام إلى الجهود الدولية المبذولة لمكافحته، والإسهام بفعالية في إطار جهد دولي جماعي تحت مظلة الأمم المتحدة لتعريف ظاهرة الإرهاب ومعالجة أسبابها واجتثاث جذورها.
وشهدت المملكة ولما يقارب العقد من الزمن إنجازات تنموية في كل المجالات، لمسها المواطن السعودي واقعًا ملموسًا، ولقد كانت آخر ميزانية أقرها الملك عبدالله وبالرغم من الصعاب الاقتصادية الكثيرة التي يمر بها العالم وتدنِّي سعر البترول، شاهدة على إصراره -رحمه الله- على مواصلة مسيرة التنمية والازدهار.
لقد فقد الشعب السعودي ملكًا كان يشعر بآمال وآلام مواطنيه، ويصطف معهم ويتلمس احتياجاتهم وينحاز لهم على حساب وزرائه، بل كان يُوصيهم أن يتعاملوا مع كل مواطن كأنه الملك؟!
لقد أدركت السياسة الخارجية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله مدى أهمية تعزيز التعاون مع القارة الإفريقية والاهتمام بها وتعزيز العلاقات وسبل التعاون بين الدول العربية والإفريقية، وإزالة معوقاتها.
وكان من أبرز سجاياه -رحمه الله- الصدق والمصارحة، وكان هكذا دائمًا حتى في حواره مع إخوانه قادة وملوك وأمراء العالم، فكان يقول موجهًا لرؤساء وقادة العرب: «إخواني قادة الأمة العربية.. يجب أن أكون صريحا صادقا مع نفسي ومعكم فأقول: إن خلافاتنا السياسية أدت إلى فرقتنا وانقسامنا وشتات أمرنا وكانت هذه الخلافات ومازالت عونًا للعدو الإسرائيلي الغادر ولكل من يريد شق الصف العربي لتحقيق أهدافه الإقليمية على حساب وحدتنا وعزتنا وآمالنا، إننا قادة الأمة العربية مسؤولون جميعًا عن الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا، وعن الضعف الذي هدد تضامننا، أقول هذا ولا أستثني أحدا منا».
وكان يدعو -رحمه الله- إلى التعلم من دروس الماضي القاسية، وأن تجتمع الأمة على الأخلاق والمثل العليا التي نؤمن بها جميعًا، وما نختلف عليه سيفصل فيه الرب، سبحانه وتعالى، يوم الحساب، وأن كل مأساة يشهدها العالم اليوم ناتجة عن التخلي عن مبدأ عظيم من المبادئ التي نادت بها كل الأديان والثقافات، فمشاكل العالم كلها لا تعني سوى تنكُّر البشر لمبدأ العدالة، وبسبب التعصب، والذي قاد إليه هو التركيز عبر التاريخ على نقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات، وبسبب ذلك قامت حروب مدمّرة سالت فيها دماء كثيرة .
رحم الله ملك الإنسانية والتواضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبارك الله في الملك سلمان بن عبدالعزيز وأعانه على تحمّل تبعات الأمانة التي أُلقيت على كاهله، فهو نعم الخلف لنعم السلف، وأسأل الله تعالى أن يُعينه وولي عهده الأمين لما فيه الخير والصلاح.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store