Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

خسارة مربحة ( 1 – 2 )

هل توجد في هذه الدنيا خسارة مربحة ؟ نعم تمهل وستعرف .. الرابح من تعامل بما أمر الله ـ عز وجل ـ فإذا فعل ربح وسلم من الخسارة .

A A
هل توجد في هذه الدنيا خسارة مربحة ؟ نعم تمهل وستعرف .. الرابح من تعامل بما أمر الله ـ عز وجل ـ فإذا فعل ربح وسلم من الخسارة .
قال تعالى : « قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ « [ سورة الزمر : 15 ] .
ليست الخسارة هي خسارة المال , ولكن الخسارة تكمن فيمن خسر إيمانه بربه , واغتر بما يملكه , فإن كان من الذين يملكون المال فنقول له : قف لا تتكبر , ولا تحتقر أحداً , فالمال مال الله .
وهذه حقيقة كل إنسان , بدايته ضعيفة جداً , فكل منا خلق من ماء مهين , أتعلم هذا ؟ فهذا هو أنت أيها المتكبر , إياك أن تنظر إلى طولك وعرضك ولا الفصيلة التي تؤويك , وكما قال الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «ربّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره « رواه : مسلم .
بل إن من الخسارة الاشتغال بالأموال والزوجات وملذات الحياة والبنين عن طاعة الله , قال تعالى : « يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ « [ سورة المنافقون : 9] .
كذلك ليست الخسارة فيمن خلا جيبه وأقفرت خزينته , بل الخسارة لمن خلا ديوانه من الحسنات , وأقفر سجله من الطاعات , واستعان بحسبه ونسبه , ونسى تقربه من الله ـ عز وجل ـ , وهما لا يستويان من خفت موازينه ومن ثقلت موازينه , فقد قال الله تعالى :
« فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ « . فليت الخسارة في الدنيا فقط , ولكن الخسارة في الآخرة أيضاً .. هذه هي المشكلة .
وإذا عرفنا حياة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وعرفنا كيف عاشوا , وكيف كانوا يلتزمون بالحق في سبيل الكسب الحلال , وكيف كانوا يخافون إذا كثر لديهم المال , فيخشون الله ـ تبارك وتعالى ـ فتدخل الهيبة والتواضع والخضوع لله تعالى في قلوبهم ؛ لأنهم آمنوا به حق الإيمان واتبعوا ما جاء به رسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو الذي قال لهم : « فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم « رواه البخاري .
فإذا نجونا من فتنة المال فإنها منة من الله ـ عز وجل ـ لأن المال إما أن يكون وسيلة إستدراج لك فتهلك به , أو نعمة من نعم الله ـ تبارك وتعالى ـ تنجو بها ؛ لأنه يمكنك من عمل أي شئ سيئ أو خيّر , فكل عمل يتم بواسطة هذا الوسيط القوي , فإذا شعرت بأنك تمشي في دروب مهلكة فارجع وتدبر .. قف وتفكر , حتى لا تجد في طريقك ما هو أثقل وأمر , واعلم أن الله يرى ويمهل ولكنه لا يهمل , اعلمها جيداً فسوف يأتيك الجزاء عاجلاً أو آجلاً , فتدبر أمرك قبل أن يفرض عليك التدبر من إنسان مثلك , قد يجعل الله ـ عز وجل ـ له سلطاناً عليك فتصبح لا تملك من أمرك شيئاً.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store