واشنطن تعيد بناء إمبراطورية فارس

إعلان المجلس السياسي لجماعة " أنصار الله " الحوثية ، يوم الجمعة الماضى استيلاءها الكامل على السلطة في اليمن عبر حل مجلس النواب وتشكيل مجلس رئاسة ومجلس وزراء يتبعونها ، تزامن مع صدور وثيقة أمريكية تتحدث عن إستراتيجية أوباما للأمن القومي خلال الخمس سنوات القادمة ، وتتحدث الوثيقة بشكل إيجابي عما تحقق في المحادثات النووية مع إيران ويوم الأحد الماضي هدد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية ، آية الله خامنئي ، بإيقاف المحادثات مع أمريكا ، بعد لقاء وزير الخارجية الإيراني ، محمد جواد ظريف ، نظيره الأمريكي ، جون كيري ، في مؤتمر الأمن بميونيخ .
العلاقة ما بين أحداث اليمن الحوثية وأمريكا وإيران نابعة من كون واشنطن تسعى بشكل بارز الى التعاون مع إيران أوغض النظر عن تصرفاتها أكان ذلك في العراق أو سوريا أو اليمن أو لبنان . وعندما سقطت صنعاء بيد الحوثيين أعلن ممثل طهران في البرلمان الإيراني أنها ، أي صنعاء ، رابع عاصمة عربية تسقط بيد إيران بعد بغداد وبيروت ودمشق . ومن الواضح أن انتصار إيران في اليمن واستيلاءها على صناعة القرار فيها ، عبر الحوثيين ، بالإضافة إلى استماتة إدارة أوباما الوصول إلى اتفاق بشأن طموحاتها النووية ، يشجع إيران على تحدي واشنطن وعدم تقديم تنازلات لها ، اعتقاداً من الإيرانيين بأن واشنطن أوباما بحاجة إليهم أكثر من حاجتهم هم إليها .
فما هو رد الفعل العربي على ما يجري في اليمن بشكل خاص ؟ والعلاقة المفضوحة بين إدارة أوباما بواشنطن وإدارة خامنئي في طهران ؟
الضغوط التي مورست في السابق على إدارة أوباما فيما يتعلق بعلاقتها بإيران ، على حساب باقي المنطقة ، لم تفلح كثيراً ، فالإدارة الأمريكية تمارس كما جاء في استراتيجيتها للأمن القومي الأمريكي سياسة " الصبر الإستراتيجي " ، مما يعني أنها على إستعداد لغض النظر عن أفعال إيران في المنطقة لصالح الإتفاق المأمول معها ، إلا أن ذلك يعني دماراً كبيراً للعالم العربي ، وتنمية قدرات خاصة لإيران تساعدها على إعادة تشييد إمبراطوريتها الفارسية . وإيقاع مآسٍ بشعوب المنطقة ، وتشجيعها على مواصلة اتباع سياسة القمع تجاه مواطنيها وتجاه ( المستعمرات العربية ) التي هي سعيدة الآن بالسيطرة عليها .
مطلوب إستراتيجية عربية خارج الإطار القائم الآن ، تحرم المخطط الأمريكي من إستخدام الدين أو المذهب لتفرقة العرب ، وإدخال المنطقة في حرب دموية ، خاصة وأن إكمال الحوثيين سيطرتهم على الشمال اليمني قد يفتح أبواب جهنم على اليمنيين عبر حرب سنية شيعية .