* تأخُذُكَ الحِيرَة في كثير من الأحيان إلى عوالم لم تكن تتوقع أن تكون بمثل ما هو واقعها.. تُقلِبُ الأمورَ وتُحلِلُ، وتُحاول أن تفهم فتعود من رحلتك العقلانية بخفي حنين. فلا المبادئ ولا الفضائل التي تعرفها وسمعت عنها وقرأتها وتعلمتها طوال حياتك الأسرية والمدرسية والمجتمعية هي ما يُمارس على أرض الواقع، ولا السيرورة والتطور الطبيعي للمجتمع الإنساني السليم تلمسه في كل ما يحدث في فضائك المجتمعي، ولا شيء إطلاقاً ينبئك بأنه صح.
فتعود مرة أخرى إلى رشدك ومنطقك المتعقل عسى ولعل أن يسعفك لتفسير ما تراه وما تسمعه وما تلمسه من تعاملات حياتية يومية، أو ان يدفعك على أقل تقدير إلى القبول بالانحرافات والسلوكيات المخالفة للفطرة الإنسانية السوية.
فتتساءل مع نفسك:أيعقل أن يحدث هذا في مجتمع يّعي ليل نهار عروبته وإسلاميته ويتباهى بخصوصية ليست في مجتمعات بشرية أخرى؟
* ومرة ثانية وثالثة ورابعة ترجع إليك نفسك كسيرة متألمة، ليس لعدم قدرتها على الفهم والإدراك، أو لتخلفها العقلي، أو لاضطرابها النفسي، بل لأن ما تراه أنت ليس له مبرر عقلاني، أو تفسير منطقي، فهو في كلياته يتعارض مع المبادئ الإنسانية والفضائل البشرية تعارضًا ضديًا وحديًا، ومع ذلك يسود في المجتمع وكأنه هو القاعدة، وهو (الصح)، وهو ما يجب أن يلتزم به الجميع.
* في هكذا حال تشاهد انحدارًا مجتمعيا مخيفًا إلى درك سفلى قد لا يظهر في أيامك أنت وقد لا يراه الآخرون المُنعَّمون في الغفلة والنفاق، بل سيظهر حتميًا في أسوأ صوره وانعكاساته السلبية على كامل البناء المجتمعي في مستقبل الأيام وحينها لا ينفع الندم، و»لا ينفع الصوت بعد فوات الفوت».
* ومّما يزيد حيرتك أن معظم مَن يسمّون أنفسهم بالمثقفين والمتعلمين، وبعضاً ممّن هم في موقع المسؤولية في إدارة هنا أو مؤسسة هناك يتفقون معك ظاهريًا في وجود خلل مجتمعي عامل، بل وتراهم أكثر حيرة منك في نقد تلك الظاهرة، ويتفنون أبعد منك في تحليل مسبباتها وخطورة نتائجها، ولكنهم وفي سلوكياتهم الحقيقية وتصرفاتهم الحياتية أبعد ما يكونون عن كل مقولاتهم، وكأنهم كما قالت العرب:»كلام ليل محاه النهار»!!.
* تصرخ بأعلى صوتك، وتستنجد بكل قوتك، وتشد شعرك حتى الصلع علَّ أحداً ينتبه، أو آخر يُحذّر مثلك إلى المخاطر، أو ثالث يبادر إلى التصحيح، أو رابع يساعدك بالصوت، ولكن يعود إليك الصدى فارغًا فلا حياة لمن تنادي! وكأنه لم يكن حولك سامر.
* تعود إلى رشدك وتسأل ذاتك: هل الخطأ في فهمك وإدراكك أنتَ لما هو صح، وما هو خطأ؟ أم ان الخطأ هو في الآخرين الذين يقلِبون الحقائق رأسًا على عقب، ويُزَيِّفُون الفضائل والمبادئ بمثل ما يرغبون ويريدون؟ فيأتيك صوت الضمير الإنساني الحيَّ ليقول لك ولكل فضائك المجتمعي إن الصح الذي شرعه الله، ونصّت عليه الأديان، وأكدته القوانين لا يمكن أن يكون باطلاً حتى وأن ساد الأخير لفترة من الزمن. فالحق هو الأبقى، وهو الدائم.. وأما الفساد، وقلة الذمة، وقلة الأمانة، والتلاعب بالثلاث ورقات والثعلبية فلا تدوم، وسيكون مصيرها كلها إلى زوال، وإلى مزابل التاريخ.
لستَ مُخطئًا!!
تاريخ النشر: 30 يوليو 2010 05:37 KSA
* تأخُذُكَ الحِيرَة في كثير من الأحيان إلى عوالم لم تكن تتوقع أن تكون بمثل ما هو واقعها.. تُقلِبُ الأمورَ وتُحلِلُ، وتُحاول أن تفهم فتعود من رحلتك العقلانية بخفي حنين. فلا المبادئ ولا الفضائل التي تعرفها وسمعت عنها وقرأتها وتعلمتها طوال حياتك الأسرية والمدرسية والمجتمعية هي ما يُمارس على أرض الواقع، ولا السيرورة والتطور الطبيعي للمجتمع الإنساني السليم تلمسه في كل ما يحدث في فضائك المجتمعي، ولا شيء إطلاقاً ينبئك بأنه صح.
A A