Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

في الغرامات المرورية حياة

قد يبدو العنوان مستفِزًّا خاصة لمن اكتوى بقسائم المخالفات المرورية وتراكمت عليه الغرامات المالية حتى أصبح غير قادر على سدادها، لكننا نتفق جميعًا على أن (الروح) هي أغلى ما يملكه الإنسان؛ فما تنزَّلت ال

A A
قد يبدو العنوان مستفِزًّا خاصة لمن اكتوى بقسائم المخالفات المرورية وتراكمت عليه الغرامات المالية حتى أصبح غير قادر على سدادها، لكننا نتفق جميعًا على أن (الروح) هي أغلى ما يملكه الإنسان؛ فما تنزَّلت الرسالات السماوية إلا لتوحيد الله وحفظ الأرواح، وما سُنت القوانين والأنظمة إلا لحفظ الأرواح. ولعل أكبر خطر تتعرض له أرواح البشر -وخاصة في المملكة- هو الحوادث المرورية؛ نتيجة السرعة الجنونية والتجاوز الخاطئ وقطع الإشارة وممارسات الدرباوية التي حصدت الآلاف من الأرواح، فبحسب فيديو أصدرته (أرامكو) فإن عدد حالات الوفيات لدينا خلال عشرين سنة الماضية بلغ (86000) حالة، وهو ما فاق عدد ستة حروب مجتمعة. ولأن الإنسان مخلوق يضعف أحيانًا أمام نزواته فإنه قد يقوم ببعض المخالفات المرورية التي تؤدي إلى إزهاق الأنفس المعصومة، من أجل ذلك وُجدت العقوبات، ومن تلك العقوبات ما يسمى بـ(الغرامات المرورية). نقطة الخلاف في هذه الغرامات هو ما يسمى تدبيل (مضاعفة) المخالفة إذا لم تُسدد مبكرًا، وقد سُئل عنها سماحة المفتي فأفتى بأنها تُعد من الربا. وللحق فقد استمعت -عبر الإذاعة- لأحد المسؤولين بالمرور عندما سُئل عن قضية التدبيل فأفاد بأن للمخالفة قيمة مالية محددة سلفًا، ومراعاة للمخالِف يتم التسهيل عليه بتخفيضها إلى النصف إذا بادر بتسديدها، وإن لم يبادر فيطالَب بسداد القيمة كاملة. مؤخرًا سمعنا عن خفض الغرامات المالية للمخالفات المرورية، وهو الأمر الذي تنفيه الإدارة العامة للمرور، ومع ارتفاع الأصوات المطالبة بالتخفيض فإنني أرجو أن تبادر الإدارة العامة للمرور بوضع الحلول الناجعة لاسترداد استحقاقاتها المالية (المتراكمة) على المخالفِين الذين عجزوا عن سدادها، كأن تأخذ في الاعتبار نوعية المخالَفة، وكمَّ المخالَفات، وخطورة المخالَفة، والأضرار المترتبة عليها، وغيرها من الحلول التي تُسهم في المساعدة على الوفاء باستحقاقاتها المالية، فليس من حل أمام أكثر المخالفِين إلا أن تتخذ الإدارة العامة للمرور مثل هذه الحلول ليفتحوا بعد ذلك صفحة جديدة إن كانوا صادقين. لا أقول هذا تشجيعًا للمخالفين -حاشا وكلا- فأنا مع النظام وتطبيقه بل والتغليظ فيه؛ لأن الأرواح غالية ولا تقدر بثمن ولا كرامة للمستهترين، لكن وبعد أن وصل الأمر لطريق مسدودة فإنه حريٌّ بالإدارة العامة للمرور أن تأتي بما يحلحل هذه الإشكالية، وبعد انتهائها من تصفية استحقاقاتها المالية تعمد لاستحداث نظام جديد يتضمن عقوبات بديلة تضمن تحقيقَ الغايةِ من العقوبة وقدرةَ المخالِف على الوفاء بها، وأُولاها أن تحدد مبلغًا (ثابتًا) لكل مخالفة دون اللجوء للحد الأدنى عند الإسراع بالتسديد والحد الأعلى عند التأخير، ثم تضيف ما تراه من البدائل التي تحقق غاية العقوبة ولا تجعل المخالِفِين أسرى لالتزامات مالية يعجز أكثرهم عن الوفاء بها.
Mashr-26@hotmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store